X
    Categories: اعمدة

علي سلطان.. يكتب.. ويحب ناقتها بعيري!


قبل سنوات طويلة وانا طالب بعد في المرحلة الثانوية اصابتني الملاريا للمرة الأولى وأظنها الأخيرة والحمد لله وكنت على ما اذكر اقرا رواية مترجمة لهميروس عن الالياذة والاوديسا وحصان طروداة.. ومع الحمى الشديدة ليلا- وزائرتي كان بها حياء فليس تزور الا في الظلام.. بذلت لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي-
(المتنبي).فلقد كانت كوابيسي تلك المعارك الضروس والخيل وسنابك الخيل والسيف والدروع والدماء فكانت ليلة مرعبة مازلت اذكرها حتى اليوم!!!
وهذه الايام أجد نفسي مع قيس بن الملوح وصاحبيه.. قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل..ومع عنترة هل غادر الشعراء من متردم ام هل عرفت الدار بعد توهم… وسيفي كان في الهيجاء طبيبا يدواي رأس من يشكو الصداعا..ولقد ذكرتك والرماح نواهل وبيض الهند تقطر من دمي.. لم تكن حمى ولا اضغات احلام ولكن ربما هروب آمن من عالم مضطرب مخل.. ذي خلل.. فلم نستطع التعايش معه بسهولة ولم نتمكن من مفارقته بسهولة فآثرنا دون قصد وربما توافقا غير محسوس مع عقلنا الباطن فلجانا إلى ماوعته الذاكرة من عيون الشعر وإبطاله ورموزه.. فذلك هروب ممتع مع الشعراء يتقدمهم الملك الضليل.
والغوض في محيط شعرنا العربي ممتع جميل بين الشعر وسيرة الشعراء الافذاذ ومع المعلقات والمذهبات والخرائد فلعل ذلك يكون منجاة لنا من تلوث بصري وسمعي في التجوال غير المأمون في حقول السيوشيال ميديا بين الفيس والواتساب والويشات وتويتر وانستغرام وتليغرام وغيره.. حيث تقفز اليك المعلومات غثها وسمينها.. الحقيقي منها والشائعة.. قفزا مخلا يكاد يذهب بثبات العقل بين اغنية وتلاوة ونكات.. فلا رابط ولا فاصل.. فتجد انك تسرح في عالم لامتناهي من العبث وعدم الترابط والربط.. ثم تجد ان كل ذلك الخليط غير المتجانس أصبح يشكل عندك ادمانا لا تقوى على مفارقته رغم علمك انه أشبه بمسرح العبث واللامعقول… هناك الكثير المفيد من المعلومات التي نتبادلها عبر السيوشيال ميديا ولكنها متفرقة ومتداخلة بين منوعات وسياسة ودين وفيزياء وعلم فلك..! ثم إن هناك الكثير من الشائعات والأكاذيب مع سبق الإصرار والترصد وهناك مراكز كثيرة جدا تعمل بشكل منظم في إطار معلوماتي جاسوسي أو استخباراتي منظم تنظيما دقيقا هدفه التشويش والإضرار وزرع الفتن وخلق البلبلة دون خوف ولا وجل ََهي إذن حرب إلكترونية ضروس لا تستثني احدا ولا تترك أحدا فكلنا جزء أو ترس في إطار هذه الحرب الإلكترونية التي تستخدم كل الأسلحة المتاحة بلا وازع من ضمير.
فليس غريبا أن هرعنا إلى تخوم الشعر وصحرائه.. بيد دونها بيد.. ولكن لا مفر من هروب واقعي من عالم افتراضي.. حتى وإن تابعتني أساءات شاعرنا الفخيم محمد المكي إبراهيم في إساءاته الشخصية لابن الملوح الملك الضليل.. (على ليلي يطول آساك منتعلا وسامة قلبك الشاعر..).
قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل.. ونحن نقف نبكي على سوء حالنا ومآلنا وسوداننا وايامنا الكالحات في زمن المحاصصات و التسويات..والاسلحة المشروعة والمخفية والرهان على تفتيت وحدتنا وتقسيم سوداننا عبر الاثنيات والقبائل والجهوية والحزبية الكسيحة.
وبنو جلدتناالذين باعوا أرواحهم للشيطان.. وكانوا ومازالوا عونا للمستعمر الحديث والقديم من أجل حفنة مال لا تسمن ولا تغني في يوم كريهة وسداد ثغر. رغم كل شئ دعواتنا متصلة أن يحفظ بلدنا وشعبنا من كل كيد وسوء وفتن.. وان يجعل كيد أعدائنا في نحرهم بحول الله وقوته.
واغادر وانا بين يدي المنخل اليشكري (احبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري)..!
وأمر على الديار ديار سلمي.. أقبل ذا الجدار وذا الجدار.. وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا.. وصف لا ينفع معه واقع افتراضي ولا واي فاي..!!