X
    Categories: اعمدة

جدية عثمان .. تكتب.. مسافات.. ما قالوا عليك حنين عاد بس نان وينه الحنية؟؟

ينفطر قلبي كل صباح وأنا في غرفة الأخبار، فحال أهلنا في السودان لا يسر العدو ولا الصديق… كل يوم أكتب الأخبار حبيسة الأنفاس… معناة بعد الأخرى مثل ضربات القدر ينفطر لها الجبل والحجر … ما جاد به النيل هذه المرة كارثة إنسانية تفوق العقل والخيال… لطالما كان النيل واهب الحياة والخضرة والجمال والخير الوفير الذي ننعُم به فأصبح معشوقنا الأول… فالنيل لم يكون شريان الحياة فقط وإنما شريان الفكر والادب … كم كنت جميلا يا نيل تتهادي بين ضفتيك، مفسحا المجال للعشاق والاحباب بكل أناة وكرم لم تجعل يوما الغضب الجائر بيننا الحكم…. لماذا القسوة الان فأنت من تُدفن عندك مشيمة المواليد املا في الخصب والنماء …ومن تسير اليك النفساء لغسل وجهها بمائك الزلال… ومن يسير اليك العريس مجرتقا في أبهى صورة تعكسها أغنية السيرة الشهيرة في تراثنا السوداني “عريسنا ورد البحر يا عديلة… قطع جريد النخل يا عديلة” تيمنا بفحولتك. أهكذا يقسو واهب الحياة وملهم الشعراء… تذكرنا في كل عام بوجودك الابدي بيننا وتفيض بردا وسلاما…ماذا دهاك الان؟؟ هل خرج السحرة من أعماقك لتشرد الامنين الضعفاء و تزيد الهم والألم …ويحي عليهم اين المفر؟؟ فأنت أمامهم والعجز الحكومي خلفهم!! كم من عاجز تركت؟ وكم من منزل هدمت؟ وكم أسرة أصبحت تفترش مياهك وتلتحف السماء و لا عاصم لها من مياهك إلا الله… رفقا بهم يا مارد العطاء…. نناشدك بالذي رفع السماء بلا عمد أن ترحم أهلنا وأن تخفف قسوتك والا تجعل مياهك مغلولة ولا تبسطها فتجعل السكان حولك ملمين محسورين بل كن دائما سليل الفراديس.
جدية عثمان…
لندن .. سبتمبر ٢٠٢٠