X

عرمان : ل ” الحداثة” عودة الحلو للمفاوضات لا يجب أن تكون مثل عودة دجانقو!

  • نائب رئيس الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان لـ”الحداثة”: عودة الحلو للمفاوضات لا يجب أن تكون مثل عودة دجانقو

*لا نريد أي ملحق لكتاب “التمادي في نقض المواثيق والعهود”

*لن نأخذ عصا المارشالية ونؤشر من جوبا ونقول افعلوا هذا ولا تفعلوا هذا

*من الذي أعطى لقوى الحرية والتغيير الحق في أن تصعد فوق الشجرة وتقول للآخرين ماذا تريدون؟

*البعض يلومون الحركات التي وقعت على اتفاق السلام لأنها تأخرت ويشجعون الذين رفضوا التفاوض

الخرطوَم. الحداثة : ترياق نيوز

نائب رئيس الحركة الشعبية- شمال، ياسر عرمان، أكد أن اتفاق السلام والوثيقة الدستورية سيكونان الأساس لتشكيل كتلة انتقالية تؤدي إلى إيجاد شراكة متوازنة بين المدنيين والعسكريين، وإلى عدم تغوّل طرف على الآخر. عرمان الذي يصل إلى البلاد خلال الأيام المقبلة على رأس وفد مقدمة السلام، أكد خلال حواره مع (الحداثة) أن الحركات لا تريد حمل عصا المارشالية وتؤشر من جوبا وتقول افعلوا ولا تفعلوا.

حاورته من جوبا – ميعاد مبارك

  • سيتم خلال أيام التوقيع النهائي على اتفاق السلام، إلى أي مدى أنتم مطمئنون لتنفيذ هذا الاتفاق؟
  • الاتفاقيات تعتبر مجرد نصوص وأوراق محبرة إذا لم يتم تنفيذها، الرئيس السابق عمر البشير وقع أكثر من 40 اتفاقاً ولم ينفذها في كثير من جوانبها، وتاريخ السودان شهد اتفاقيات كثيرة، مولانا أبيل ألير ألف كتاباً أسماه (التمادي في نقض المواثيق والعهود)، ونحن لا نريد أي ملحق لهذا الكتاب، وأن يصبح هذا الكتاب هو الوحيد والأخير في السودان؛ لأن نقض العهود أدى إلى انفصال الجنوب، لذلك الاتفاقية يجب أن تُنفذ، ويمكن أن تنفذ في هذا المناخ. نظام البشير كان فاشياً ودكتاتورياً ومتنفذاً، كان يريد أن يعطي الناس وظائف ولكن لا يريد حلاً لمشكلات الناس التاريخية التي صاحبت السودان، الآن هناك فرصة جديدة لأن هناك مناخاً ديمقراطياً، هناك مشاركة وحركة جماهيرية كبيرة، وهناك ثورة طالبت بالتغيير والاتفاقية نفسها تعالج قضايا من أمهات القضايا الوطنية وقضايا التغيير، هذه الاتفاقية لا معنى لها إن لم تملكها وتحوزها الجماهير وتجد فيها حلاً لمشاكلها، يجب أن يجد فيها النازحون واللاجئون أنفسهم، ويجب أن يجد فيها الذين تضرروا من الاستحواذ على الأراضي أنفسهم، كما يجب أن يجد فيها الذين تضرروا من الدولة التي حاولت تنفيذ قهر المركز على الأقاليم أنفسهم، ويجب إصلاح القطاع الأمني وأن يجد موقعه، ولذلك الاتفاقية تعالج نواقص موجودة في حياتنا اليومية، ونسعى لتمليكها للجماهير السودانية؛ لأنها الضمان الأساسي لهذه الاتفاقية.
    *ما تعليقكم على إعلان المبادئ الذي وقعه رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك مع رئيس الحركة الشعبية شمال-جناح الحلو؟
  • بداية هذا الإعلان فيه تعقيدات من ناحية الإجراءات والمضمون، ولقد خاطبنا مكتب رئيس مجلس الوزراء مباشرة في هذا الصدد، وكذلك الأطراف الأخرى المعنية بالحكم الانتقالي، نحن لا نريد أن نتخاطب مع رئاسة الوزراء عبر أجهزة الإعلام؛ لأن الخط الرئيسي لنا هو دعم السلام وبالتالي أوصلنا وجهة نظرنا لمجلس السيادة ومجلس الوزراء ولدينا اتصالات في هذا الصدد. الهدف الأساسي هو عملية السلام ولها الأولوية وكل الراغبين في السلام ستتاح لهم الفرصة.
    في النهاية يجب الحفاظ على كل ما يحقق مصالح الشعب السوداني وأهداف الثورة والتغيير، لديّ ما أقوله في هذه القضية ولكنني لا أرى أن هذا هو الوقت المناسب لكي أدخل في التفاصيل.
  • ما هي أبرز هذه التعقيدات؟
  • لو دخلنا في أي من التعقيدات ستقودنا لمسائل أخرى، أفضل في الوقت الحالي أن أتركها للقنوات الرسمية؛ لأن هذه القضية مرتبطة باتفاق السلام ومرتبطة بأطراف العملية السلمية في السودان، ومرتبطة مرة أخرى بالوساطة والأطراف الخارجية التي دعمت هذا الاتفاق، وبالموضوعات التي تمت مناقشتها، لذلك خلقنا لنوع من الأجواء الإيجابية للسلام لا نريد تحويل هذه القضايا لقضايا حوار على الهواء؛ لأن عملية السلام حساسة وتحتاج إلى بناء الثقة بين جميع الأطراف، وهذا هو الاتجاه الذي يجب أن نمضي فيه.
  • إذن عودة الحلو للمفاوضات تعني فتح اتفاق السلام الموقع بالأحرف الأولى مؤخراً؟
  • عودة الحلو للمفاوضات لن تؤثر، ولا يجب أن تكون مثل عودة دجانقو، يجب أن تكون أمراً عادياً؛ لأنه جزء من المفاوضات ولديه واجب في البحث عن السلام، وبالتالي هناك اتفاق سلام وقع من الواجب أن يُعرض على الحلو لإبداء رأيه، إذا كانت لديه أي وجهة نظر يستطيع أن يبديها أو أن يطور الاتفاق، في النهاية المطلوب من كافة الأطراف الموجودة خارج هذا الاتفاق أن تتوجه ناحية الاتفاق وناحية السلام، وإن كان لديها ما تضيفه فلتفعل. بالتأكيد كان الأمر الأمثل أن يصل كل الأطراف إلى اتفاق واحد، لكن في بلدان عديدة هناك عملية سلمية ذات أبعاد مركبة وذات أبعاد متعددة، وهنالك أسس ومناهج لكيفية إدارة العملية ذات الأطراف المتعددة، لتأتي تباعاً وهذا ليس بأمر جديد أو غريب.
  • هذا يقودنا للسؤال حول مسألة المسارات في اتفاق السلام، “تجمع المهنيين” كان قد وصفها بأساليب النظام البائد؟
  • نحن كحركة شعبية لم نكن مع المسارات ولكنها كانت الحل الأمثل والمطمئن لبعض الأطراف، منذ البداية انتقدنا المسارات وهي لا تتوافق مع منهجنا ودعواتنا المستمرة للحل الشامل، كنا نرى أن الأوفق للجبهة الثورية أن تناقش قضايا السودان؛ لأن قضاياه حتى الإقليمي منها طبيعته قومية، مشكلة السودان في الخرطوم وليست في كادوقلي أو الفاشر، لذلك كان من الممكن أن تكون هناك ورقة تناقش القضايا السياسية وقضايا الترتيبات السياسية في كل السودان، وورقة واحدة للترتيبات الأمنية، وإذا كانت هناك خصوصيات في مناطق النزاعات لم يتم شملها يمكن أن يتم ذلك، كان هذا سيعطي الجبهة الثورية وجهاً أكثر قومية وسيتماشى مع منطق تركيبة الدولة السودانية نفسها، فإذا تضررت أي جهة من المسارات فهي الجبهة الثورية نفسها؛ لأنها جعلتها كتلاً مناطقية لكن تم تعويض ذلك بشكل من الأشكال في الورقة القومية لتقليل النواقص، وبما أن كل الطرق تؤدي إلى روما القصد كان أن نصل إلى روما السلام وقد وصلنا.
  • فيما يلي الترتيبات الأمنية، مسألة الدمج والتسريح ونزع السلاح كانت أحد مسببات عودة النزاعات مرة أخرى، ما الجديد في هذا الاتفاق الذي لا يجعله كسابقيه؟
  • الترتيبات الأمنية ستتم حسب الاتفاقية في فترة 39 شهراً في المنطقتين و40 شهراً في دارفور، في المنطقتين في المرحلة الأولى عام ثم 14 شهراً ثم 13 شهراً، الترتيبات الأمنية لا بد منها، يجب أن يكون السلاح ملك الدولة، وأن يتم تنظيم الدولة وأن نبني قوات مسلحة غير مسيسة ومهنية وتقبل التنوع السوداني، الدولة المدنية لا تقوم بدون ترتيبات أمنية والسودان لن يستطيع بناء جيش بدون عقيدة عسكرية جديدة، وأن يكون ولاؤه للشعب وللنظام المدني الديمقراطي، وأن يكون منسجماً وصديقاً للدولة المدنية، وهذه أعقد قضية يواجهها السودان، معلوم أن ليبيا انهارت والعراق واليمن والصومال والسودان يجب ألا يلحق بهذه الدول، مجتمعنا مشحون بشحنات سالبة إثنية وثقافية ودينية، ونحن نريد أن نفرغ هذه الشحنة السالبة وأن نبني على أساسها مجتمعاً جديداً، لذلك أعتقد أن الترتيبات الأمنية مهمة جداً؛ لأنها مربوطة بالاقتصاد والوجه المنتج للريف، هذه قضايا في غاية الأهمية، ويجب أن نأخذها بجدية.
  • على الرغم من ذلك النزاعات تبدأ مع عمليات الدمج والتسريح ونزع السلاح، وهنالك الكثير من النماذج الفاشلة؟
  • هي ليست بعملية فنية، هنالك مفوضية لنزع السلاح والدمج. النظام السابق كان يولد الحروب والفقر والاضطهاد والقهر.
    *ألا يواجه النظام الحالي تعقيدات من نوع آخر؟
  • نعم، هذا النظام يواجه تعقيدات ولكن الجديد هو الثورة والمشاركة الشعبية والإرادة والرغبة.
    هذا الاتفاق لم يكن ممكناً في وجود البشير، إذا عُرضت عليه هذه الاتفاقية لمزقها ولرفضها، ولم يكن ليجلس البشير مع الجبهة الثورية ومع العشرة تنظيمات التي جلست للاتفاق، ذلك النظام كان متجبراً وفاشياً ولم يكن يبحث عن السلام، عقيدته كانت عقيدة حرب وليست عقيدة سلام.
  • فيما يلي مجلس السيادة سيتم تمديد الفترة الانتقالية، مما يعني زيادة فترة رئاسة الجانب العسكري، والمعروف أن الجانب المدني هو من سيتولى الفترة الثانية، ماذا عنكم، البعض يتوقع حدوث أزمة بسبب هذه المتغيرات؟
  • أولاً: نحن لم ندخل إلى داخل المنزل ولا حتى لغرفة الضيافة، ولا يمكن أن نبدأ بتغيير العفش والديكور ووضع الأشياء حتى قبل دخولنا إلى المنزل، هذا لن يكون حصيفاً، سيتم دمج الاتفاقية والوثيقة الدستورية وكل هذه القضايا مضبوطة بنصوص، وفي نفس الوقت هي قضايا فيها حوار ولن نأخذ عصا المارشالية ونؤشر من جوبا ونقول افعلوا هذا ولا تفعلوا هذا، لكن الفكرة الرئيسية أن هذه الاتفاقية من المفترض أن تؤدي إلى تشكيل كتلة انتقالية وإلى إيجاد شراكة متوازنة بين المدنيين والعسكريين، تؤدي إلى عدم تغول أي طرف على الآخر وإلى إمكانية نجاح الفترة الانتقالية المشحونة ببعض الشحن السالبة، أتعجب للذين يعتبرون الانتقال نظاماً جديداً، الانتقال ليس النظام الجديد وليس النظام القديم، إنما هو عملية تحتوي على القديم والجديد، لكن طابعها الرئيس أن الجديد يسود وفي نهاية الأمر يجب أن يختفي القديم، أي شخص يريد منذ الآن أن يجد دولة ديمقراطية مدنية دون المرور بعملية مستمرة من التحولات مخطئ، نحن نقول بوضوح إن تغول العسكريين على المدنيين لن يؤدي إلى فترة انتقالية ناجحة، واستبعاد العسكريين أيضاً لن يؤدي لفترة انتقالية ناجحة، يجب أن تكون هناك عملية من الشراكة قائمة على أسس الوثيقة الدستورية واتفاق السلام، لتقود البلاد إلى انتقال متدرج وسلس ينتهي بانتهاء الفترة الانتقالية، بانتخابات ديمقراطية وإلى مؤتمر دستوري قبل ذلك.
    *فيما يلي التعديلات في الوثيقة الدستورية هل تتوقع أن تحدث إشكالات بينكم وبين نظرائكم في “الحرية والتغيير”؟
  • لا أتوقع ذلك؛ لأن الوثيقة الدستورية نصوصها واضحة، كما تعلمين لقد زرنا الخرطوم وعالجنا أمر المادتين 20 و70، وبالتالي لا توجد أي خلافات، الآن العملية فنية أكثر من كونها سياسية، والقضايا السياسية حُسمت حول كيفية إدخال النصوص.
  • سيكون هناك تمييز إيجابي في الخدمة المدنية والسفارات وغيرها، ألن يضر ذلك بالخدمة المدنية؟
  • هناك خلط، التمييز الإيجابي لا يُعطى للحركات ولكن يُعطى لسكان المناطق، نحن نريد خدمة مدنية تناسب التنوع في البلاد بمن في ذلك النساء، وأن يمثلن بنسبة 40%، يجب أن تعكس الخدمة المدنية التنوع السكاني وألا تكون حزبية أو مسيسة، بمعنى أن يأتوا على معايير الكفاءة، ولكن مثلاً لا تجد سفيراً واحداً في الخارجية من النيل الأزرق، هذا مضر بالسودان؛ لأن النيل الأزرق تجاور إثيوبيا وتنفتح على جنوب السودان، فأنت تحتاج إلى تمثيل هذه القوميات وأن يرى كل إنسان نفسه في مرآة الدولة السودانية، كل هذه العملية التي قمنا بها ليست توزيعاً للحصص لهذه الحركة أو لهذا الحزب. الفسيفساء السودانية يجب أن تعكس في الأجهزة السودانية حتى لا تكون هناك فئة مهيمنة وآخرون مستبعدون ومهمشون، مما يطرح الأسئلة التأريخية للدولة السودانية.
  • على الرغم من كل هذا الحديث البعض يرى أنها ستنتهي بالمحاصصات؟
  • لن يتم ذلك مطلقاً، الحديث عن حركات أو محاصصات، نحن طالبنا بمراجعة الوظائف في الخدمة المدنية التي أُعطيت على أساس سياسي في الفترة الماضية؛ لأننا لا نتحدث عن تمثيل الحركات ولكن عن تمثيل الشعوب والقوميات والقبائل الموجودة، وأن يشعر السودانيون بأن الدولة ملك للجميع.
  • الشارع السوداني لم يتفاعل بشكل كبير مع توقيع اتفاق السلام، وكانت هناك أصوات عالية تتحدث عن كونه سلاماً منقوصاً، وأن هناك أطرافاً لم توقع، يعتبرونها الأقوى؟
  • كانت هناك مظاهر للفرح حتى لو كانت محدودة، هناك تشويش واحتقان في المجتمع السوداني، وهناك الفيضانات والحالة الاقتصادية المزرية، التي تبعد اهتمامات الناس وتجعلها مركزة على الأعباء اليومية، كما هناك حملة سياسية من بعض الجهات، يتحدثون مثل البشير، حول صاحب البندقية الأطول، وهذا ما كان يقوله البشير، أي أنه كان يدعو الحركات لتطويل بندقيتها، والدولة يجب أن يكون عندها نظرة استراتيجية، الحوثيون كانوا مجموعة هامشية في اليمن لكن كانوا موجودين، وفي النهاية أصبحوا قوة مركزية، الحركات المسلحة تضعف وتقوى لكن هناك عوامل إقليمية قد تغلب طرفاً على الآخر، الحرب عندها امتدادات إقليمية ودولية، لا يمكن الاستهانة بها، فالحديث عن من الأقوى ومن الأضعف ليس بحديث رشيد من مجتمع يريد أن يقضي على أسس وجذور الحرب والعنف، ويريد أن يحول الريف إلى ريف منتج، وأؤكد أن هذه الحركات حركات تاريخية ساهمت بفاعلية، من الذي يعطي حق التوزيع؟ كل الذين تحصلوا على السلطة بعضهم لم يساهم بربع ما قامت به هذه الحركات وقادتها في النضال، وفي هذه الحركات قادة كبار استشهدوا في كفاحها ضد النظام السابق، وتمثل تنوعاً سياسياً وجغرافياً، وهي نفسها جزء من قوى الحرية والتغيير، من الذي أعطى لقوى الحرية والتغيير الحق في أن تصعد فوق الشجرة وتقول للآخرين ماذا تريدون؟ هذه عملية غير جيدة للبناء الوطني، وجزء من مآسي الدولة السودانية، الأمر الآخر، هناك بعض الناس يلومون الحركات التي توصلت لاتفاق؛ لأنها تأخرت ويشجعون الذين رفضوا حتى التفاوض ويطالبون بالبحث عنهم، هذه الأمور مدفوعة بدوافع فكرية وسياسية وأيديولوجية ومصالح حزبية، تم حزبنة السلام وأسقطت بعض القوى السلام من حساباتها رغم أنها رغبة الشهداء قبل الأحياء، الشهداء هم من هتفوا (حرية، سلام وعدالة)، لذلك يجب أن تكون قضية السلام قضية استراتيجية مركزية للدولة السودانية، ليس فيها حسابات حزبية، لأنه بدون السلام لن ينصلح الاقتصاد ولن تنصلح المعيشة ولا العلاقات الخارجية، ولن نبني سوداناً جديداً ولن نبني مستقبلاً ودولة مدنية.