X
    Categories: اعمدة

حيدر الفكي .. يكتب .. دكتور عمر هاشم الصديق والإنسان

 

 

هكذا هى الدنيا دائماََ وأبداََ تنتقي الاخيار بل الخيار من خيار وهكذا ديدن الطيبين يغادرون على عجل حتى نكاد نسمع وقع خطاهم وكأنهم يخبرونا بانه لا مقام لهم في دنيانا بعد اليوم شوقا للقاء الله وتوقاََ لعالم الملكوت والخلود والنعيم المقيم لأنه عالمهم ومبتغاهم .. غادرتنا بصمت وهدوء كما هو طبعك في الدنيا يجمِّله الأدب والأخلاق والترفُّع ولذلك حتى عندما اختارك الموت نسج لك معطفاََ من سندس اخلاقك وديباح طبعك فطبت حياََ وودَّعت سمحاََ .. فُجِعت برحيلك اخي وصديقي عمر وكان فقدك عظيماََ وفراقك اليماََ يفوق الوصف والإحتمال ولكنها إرادة الله والموت حق وهذا درب كلنا وارده وإنا لفراقك لمحزونون يا عمر .. كم أنك جميل في حياتك وانعكس على محياك حيث القبول بلا حدود لجمال انسانك وبراح مساحة الود التي تسع كل من التقاك على درب الحياة وكأنك تسخر بابتسامتك التي لاتفارق محياك من مشوار الحياة الزائف والقصير وكأنك تشعر أن موعد اللقيا قد اقترب واجزم أن ذلك الشعور أخذ منك كل مأخذ واصبح واقعا وحقيقة في اعماقك .. هاتفتك قبل فترة وطمأنتني على احوالك وصحتك ولم تشعرني بشئ غير ان الاحوال طيبة والأمور أطيب .. لن انساك أبدا ولن ينساك احبابك ولن تنساك البلد بشيبها وشبابها صغارها وكبارها فقد كنت المعين لهم تبذل بسخاء وتجبر الخاطر وتكسر الأسى وتزرع الأمل في النفوس ولأنها نفوس كبيرة تشقى بمرادها الأجسام فكنت البلسم للجراح و والطبيب النطاس البارع للأسقام والإنسان الذي لاتحد انسانيته حدود .. ربما يظن البعض انها حروف العزاء تذكر المحاسن فحسب وهذا الذي درج عليه الناس ولكن كل من يعرف اخي دكتور عمر هاشم يعرف ان كل حرف هو بمقدار الوصف وهذا ان لم  تتقازم الحروف امام قامته السامقة بجمال السيرة العطرة ونبل الأخلاق فقد كنت مثالاََ يُحتذى في المكارم وعظيم الصفات وعشت بيننا عفيفاََ خفيفاََ لطيفاََ صادقاََ .. وهذا مشوار طويل يحدِّث عن نفسه منذ ان كنا يافعين في وقت الصبا الباكر في نادي حي العرب حيث كانت الحمية والعنفوان والإنفعال ولكن لم اذكر ابدا ان رايتك في غير موضع الهدوء والإتزان وجبر الخواطر حتى في تلك المرحلة العمرية التي تضج بالصخب لم اذكر أنك خاصمت او عاديت احداََ !!! وكذلك اذكر عندما زرت الرياض وقضينا معك وقتاََ باذخ النُدرة والجمال برفقة احبابي واصدقائى وابناء بلدى الحبيبة كنور واحتفلت بنا أيما احتفال ببشر وترحاب وحفاوة واكرمتنا كرماََ بلا حدود وستظل تلك الزيارة في عمق الذاكرة الحية تستعصي على النسيان مهما تقادم الزمن ……
لروحك السلام حيث تحلِّق على برزخك الأبدي حمامات الرحمة ايها الصرح الشامخ صاحب الخلق الباذخ ولو سال مدادي بجميل وصفك لن يجف منبعه وسيسيل كما تسيل المآقي دمعاََ سخيناََ حيث ذرفها عليك الأحباب مدرارا  في كل البقاع ومن كل صوب وحدب ولن تروي وجداننا التي اجدبها خريفك الذي انقطع عن دنيانا وصارت قاحلة بعد رحيلك ايها الإنسان الإنسان
اللهم ارحمه رحمةً تسع السماوات والارض اللهم اجعل قبره في نور دائم لا ينقطع واجعله في جنتك آمنا مطمئنا يارب العالمين اللهم افسح له في قبره مدّ بصره وافرش قبره من فراش الجنة اللهم ارحمه ولا تطفئ نور قبره .. اللهم ارحمه واغفر له وتقبله واكرم نزله ووسع مدخله واجعل قبره روضة من رياض الجنة