X
    Categories: اعمدة

حيدر الفكي .. يكتب .. ” حتى الآن ” .. الحلول الإقتصادية  بعيداََ عن الأمنية “تعويم الجنيه”

اشتعل الفضاء الإعلامي قبل أيام بخبر الإصلاحات الاقتصادية  بقرار وزارة المالية تعويم الجنيه او توحيد سعر الصرف او سعر الصرف المرن المدار وهي مسميات مختلفة تهدف الى تضييق الفارق بين السعر التأشيري للدولة وبين السوق الموازي .. لنبدا بتعريف بسيط لتعويم العملة المحلية مع خلفية تاريخية لبداية التعويم.. سياسة التعويم هى دائما تفرضها ظروف انخفاض العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية لاسباب مختلفة تكون في مجملها سوء ادارة السياسة الإقتصادية وضعف العملية الإنتاجية التي تجلب الاحتياطي النقدي الأجبني والذي بدوره يساهم في تقوية العملة المحلية .. مما لاشك فيه ان قرار التعويم له آثار سالبة وقاسيه وسيتسبب في صدمة حيث سيصاحبه ارتفاع في الأسعار اكثر مما هى عليه ولكن هو كالدواء من حيث مرارته وكالعلاج من حيث إحتمال فترته بكل آلامها ولكن هذا العلاج يحتاج إلى تدابير مسبقة من قبل الدولة حتي يسري مفعوله ويكون ناجعا وارجو ان تكون الدولة تحسبت لذلك لأن السلع سترتفع وتثقل كاهل المواطن المثقل اصلا بالأعباء ولذلك لابد من توفير السلع الضرورية والأساسية وسيطرة الدولة عليها كمخزون استراتيجي ومستمر وليس لفترة محدودة .. أيضا لابد من سياسة التغشف الحكومي بتقليل الإنفاق الى ادنى مستوى وكذلك المجتمعي بالتعامل مع السلع الضرورية وفي هذه الحالة سيحدث الكساد وهذا من الآثار المتوقعة .. تاريخيا تمت أول حالة للتعويم في أمريكا في عهد الرئيس نيكسون عام 1971 عندما اعلن الرئيس نيكسون تحرر الدولار من ارتباطه بسعر الذهب وهو ما عرف بصدمة نكسون وحدث هذا بعد ان تعرضت أمريكا لإشكالات اقتصادية على خلفية حرب فيتنام التي اثرت  على إقتصادها تأثيرا كبيرا .. بعد ذلك تم تعويم الدولار واصبح يتأثر بحالة العرض والطلب وهذا يعني أن الدولار صار مجرد سلعة تنخفض وترتفع وفقا لقانون العرض والطلب دون غطاء نقدي او احتياطي بنفس القيمة من الذهب
الوضع الإقتصادي الآني يواجه كثير من التحديات حيث ارتفع مستوى التضخم الى مستوى غير مسبوق وهذا ناتج عن ارتفاع الأسعار مع تدني العملة المحلية .. الجنيه لايمكن يستقر وترتفع قيمته إلا بتوفير الإحتياطي النقدي الأجنبي في البنك المركزي وكذلك لايمكن ان يتوفر هذا الإحتياطي الا بعملية انتاجية واسعة ومؤسسة من خلالها يتدفق النقد الأجنبي كنتيجة لعمليلة الصادر من المنتجات  والعملية الإنتاجية نفسها تحتاج إلى مستثمرين وراس مال اجنبي وبتسهيلات جاذبة حتى نستقطب هذه الكتلة النقدية التي تفعل الإنتاج والشئ الأهم انه لايمكن ان تأتي هذه الاستثمارات في ظل سعر صرف ثابت من قبل البنك المركزي ليس له علاقة بالواقع والفرق بينه وبين السعر الحقيقي للسوق الموازي كبير جداََ ومن هنا تأتي اهمية تعويم العملة المحلية لجذب المستثمرين وكذلك هى من ضمن الشروط المهمة لكثير من المؤسسات النقدية والاستثمارية العالمية المانحة لكي تدعم القطاع التنموي في البلد المعني بتقديم القروض والمنح وصندوق النقد الدولي مثال حيث لاتسمح لوائحه بتعدد سعر الصرف وهنا ستظهر الحلول الإقتصادية وتختفي الحلول الأمنية والتي هي من غرائب الفهم الإقتصادي الأعوج والمغلوط ودفن الرؤوس في الرمال والتي استقوي من خلالها المضاربين وتجار العملة على العكس من ردعهم لأنه ببساطة هذه معادلة اقتصادية تنجح فيها الرؤية الاقتصادية السليمة ويفشل فيها الحل الأمني العقيم ..
وللأسف ان الحكومة هي كانت أكبر مضارب وهي التي انعشت السوق الموازي لأنها لاتملك الاحتياطي النقدي الأجبني الكافي وفي نفس الوقت تحتاج إلى توفير سلع استهلاكية ضرورية كالوقود والغاز والمواد الغذائية الضرورية والدواء وهنا تدخل في شراء النقد الأجنبي مقابل العملة الوطنية المطبوعة والتي ليس لها سند وقيمة حقيقية وبالتالي يحدث تدني قيمة العملة وبشكل متسارع .. ولكن الآن بعد التعويم دخلت البنوك كطرف قوي واكثر إئتمانية في مواجهة جناح السوق الموازي وحتى الحكومة عندما تحتاج إلى نقد ستتجه الى البنوك وبالتالي سيختفي السوق الموازي بالتدريج لان راسمال تجار العملة إذا ما استمروا فى المضاربة مع انخفاض قيمة الجنيه سيتآكل رأسمالهم ويتقلص وبالتالي سيهربوا سريعا بما تبقى لهم من رأس مال خوفا من الضياع
شئ من حتى .
من أجل المشروع الوطني الكبير ومن أجل تعزيز قيمة العملة الوطنية امام العملات الأجنبية ليتعافى الإقتصاد والوطن الحبيب لابد من التعامل عبر البنوك واخص بالذكر المغتربين فهم قطاع كبير ومؤثر وتحويلاتهم عبر البنوك تقوي الإحتياطي النقدي الذي يرفع من قيمة الجنيه امام العملات الأجنبية ويسحب البساط من تحت اقدام المضاربين وتجار العملة .. الآن كل واحد منا يستطيع أن يساهم في نهضة الإقتصاد الوطني حتى من على البعد وهذا شرف لايدانيه شرف
يا بلادي يا سليلة اجـدادى من الأسـد
الميامين فى وقت الصعاب
كــم بـنـيـناها بـعــرق الــجــبـاه الـغــر
بـعدمـا كـانـت يـبـاب
بـسواعـد الـنـفـرة  وصـبـر الـكادحـيـن
عـلى عـز الـتـراب