X

محمد أحمد الدويخ .. يكتب .. الفن بشارع الجن بعروس الرمال.. مقابلة مع مبدع “رافع قوقو” ولكنه فنان..!

لم يكن بطل حكايتنا من الذين يتمتعون بالدفء الأسري غير أن المجتمع يتحلق حول حماسة فنه وابداعه في تلقائية وابتسامة شاهقة ودهشة..
عندما يتمثل هذا المبدع ويتقمص شخصية الفنان الرقم / محمود عبدالعزيز ، ترتفع حنجرته وعنقه (استطالتئذ) ، يقف المارة في حالة غير ارادية أشبه بالاعتراف(الضمني) بأن الإبداع شئ يسكن الانساني دون أن يتحسس وضعه الاجتماعي ويضيئ أي عتمة في النفس والجسد .

 

 

انت كان زعلان..انا ما بزعل
قبالة البوابة الرئيسية لمستشفى الشرطة بالابيض يتواجد بطل حكايتنا الذي يتخذ من مظلة المرحوم /مجاهد أحمد محمد (كديرو) مقرا له وسكن .. يسميه المعجبون محمود لانه يردد أغاني (الحوت) في ثقة وتماه ومتعة ..اسمه (محمد بخيت) حسب مقابلتي معه الموثقة بالفيديو..
شاهدته يغني وانا أهم بالخروج من المستشفى..فكان لزاما على الجلوس في حضرته(امتع نفسي بالدهشة) وألبي دعوة صديقي النظامي بمستشفى الشرطة/ رقيب شرطة أحمد عبيدالله (ادروب) لتناول فنجان قهوة..ومجموعة من الشباب تتبادل معه المقاطع من بعيد موزعين(بالهم) بين الفن والكفر أثناء مشاهدتهم مباراة ودية لفريق الأهلي الابيض (درجة ثانية ) في ذات الميدان المجاور ..
كان محمد أو محمود _كما يحلو لمعجبيه أن يطلقوا عليه.. كان يردد في فرح كبير وبجواره كوم من (القوقو) والملابس الرثة :
انت كان زعلان..
انا ما بزعل..
انت كان مبسوط ..
نحن بالأكثر ..
للأمانة طلبنا له قهوة فوافق ولكن احساسنا به أنه يريد (حق القهوة) ولكن روح الفن جعلته يتغلب على تلك الرغبة ففهمناها عنه..
يظهر أن الشباب الذين يرددون معه من بعيد تربطهم به معرفة عميقة خاصة وهم يطلبون اغنيات الحوت بالاسم وهو يجيب الطلب دون تردد..والناس..الناس من حولنا يتزايدون ولكن دون منصة..!
بل بعضهم يحمل روشتة علاج ولكن تملكته الدهشة ومتعة السمع المعافي والمشهد النبيل لفنان أبيض من الداخل وأنظف مما يتخيله المشاهد (السطحي)ّّ..!

 

 

 

 

لا هو البحن ليا..
ولا الزمن برحم..
أحسب أن الحواتي المبدع (محمد بخيت) يحمل بين ملابسه الرثة مشروع فنان شامل..فهو صاحب نكتة حاضرة وبديهة وابتسامة تشرح القلوب..وأحسبه يحفظ أغلب أغنيات الفنان الراحل / محمود عبدالعزيز غير أنه يتخير أروعها وأقربها للقلوب وقضايا الناس بما فيها العاطفة والحرمان..ومن أروع ما كان يردد وكأنه يعني نفسه الشاردة من كل شئ _إلا من نفسه :
كفاية أحمل هم ..
أعيش حياتي ألم
نارية في جسمي ..
نيرانا ما بترحم
لا هو البحن ليا..
ولا الزمن برحم..
يا سلااااااام ..ومبدعنا الجميل يواصل بعد كل فاصل حكاية وطرفة وابتسامة على مزاج القهوة :
قول ليا يا هاجر..
بعدك إيه أعمل
ليتني سبت الحي..
والباقي ليا حصل
ليتني سبت الحي..
وفقدت أعز أهل
يحدث كل ذلك وشخصي يرافق أحد المرضى بمستشفى الشرطة بالابيض مما يجعلني اتحرك مزعورا ..فمن واجبي إحضار وجبة العشاء للمريض..غير أن الفاصل الأخير كان أروع وهو أشبه برباعيات الخيام ..ترتفع الاعناق مع النصوص زهوا و متعة :
يا سؤالي نقرشوك..
يا عسيلي مركسوك
كان سمعت كلام عدوك..
انحنا سبناك للداروك..
نضوي ليك بالشمع ..
وليك كلاما بنسمع
كان جبل طلعوه..
وكان عسل ضاقوه..
وتردد المجموعة من بعيييد في بهجة وسرور :
يا حجييييييلي عركسوك..
و يا سؤالي نقرشوووووك..
يا الله..!
………
عاطفة لم تخبو :
الاغنيات التي يختارها بطل حكايتنا (محمد بخيت) مترعة بالعاطفة والعتاب الشفيف مما يؤكد أنه يتمتع بروح فنان وزائقة مدهشة في اختيار المفردات خاصة رائعة محمود عبدالعزيز (كلو منك) :
بعترف ليك في وجيهك..
اني ما لاقيت شبيهك
وفي ظلال رمشات عيونك..
قلبي رايدك ومستريحك
ويتواصل الايقاع على حركة الأيدي والفم :
(بم..بم..بم)
لهفة الفرح الموله..
في قليبي الصار ولوفك
ترشفي العبق المعطر..
من حواجبك وفوق جبيهك
بذرف الزمن الممكن.ّ.
في عميري..
الشايلو تيهك..
يقفز الصوت الباذخ إلى أكثر من مقطع بإحساس واحد وكورال متخيل كأن جميع الحواته أمامه في تلك اللحظة ..والصوت يعلو في تحد وثبات :
أبقوا الصمود ..
ما تبقوا زيف..
أبقوا اعتماد نبض الحروف
ما تبقوا خوف
…………
ويطل السؤال المهم :
من المسئول _رسميا_ من التائهين وسط المجتمع دون سند..ونحن ندعي الكرم والهمة العالية..فهل بإمكان الدولة رعايتهم أو تأهليهم على الاقل مع انه واجبها..؟
…….