X

تقرير ” القدس العربي ” .. الحكومة الانتقالية في السودان .. وثائق وعقبات

الخرطوم . القدس العربي _ ترياق نيوز

 

 

 

 

حملت ثورة السودان مع قدومها وعداً هاماً بفتح باب السلام على مصراعيه ووضع نهاية للحرب.

 

 

 

 

السلام أول المهام

وقد جاء في الوثيقة الدستورية الأولى التي اصدرتها حاضنة الثورة (قوى إعلان الحرية والتعبير) أن أول مهمة من مهام المرحلة الانتقالية هي أن تلتزم أجهزة الدولة في الفترة الانتقالية بـ:
– تحقيق السلام العادل والشامل وانتهاء الحرب بمخاطبة جذور المشاكل ومعالجة آثارها، مع الوضع في الاعتبار التدابير التفضيلية المؤقتة للمناطق المتأثرة بالحرب والمناطق الأقل نمواً.

 

 

 

 

 

كانت هناك خلافات حول إجراء المفاوضات داخل السودان أو في جوبا عاصمة دولة السودان الجنوبي لكنها لم تثر جدلاً كبيراً وقد دعمت قيادة مجلس السيادة هذا الخط. ومع ان الجبهة الثورية، التي تضم عددا من فصائل الحركات المسلحة، كانت جزءاً من مجموعة «نداء السودان» إلا انها اتخذت موقفاً مستقلاً بأن دخلت في تفاوض جوبا بوصفها طرفاً ثالثاً إلى جانب العسكريين والمدنيين وتوصلت إلى اتفاق ثم إلى تعديل الوثيقة الدستورية 2020 لتصير الوثيقة الدستورية لعام 2020 (المعدلة) لتضم اتفاق جوبا للسلام وأقدمت على تشكيل مجلس يسمى مجلس شركاء السلام واجه في البداية معارضة كل من مجلس الوزراء وقوى نداء الحرية والتغيير إلى أن تم الاتفاق حول لائحة لعمل مجلس شركاء السلام.

 

 

 

 

 

 

وثائق ومعيقات

بضم اتفاق جوبا للسلام إلى الوثيقة الدستورية تكون قد أضيفت لها عدة نقاط مثل:
الغاء البند 2 من القسم (4) في المادة 11 والاستعاضة عنه بالبند الجديد الآتي: (2) يشكل مجلس السيادة من أربعة عشر عضواً، خمسة أعضاء مدنيين تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، وخمسة أعضاء يختارهم المكون العسكري، وعضو مدني يتم اختياره بالتوافق بين المكون العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، وثلاثة أعضاء تختارهم أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، ويجوز للجهات التي قامت بالاختيار حق تعيين واستبدال ممثليهم.

 

 

 

 

 

 

 

 

وهناك عدة اضافات وتغييرات أخرى منها إضافة عبارة «ويمثل أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان بنسبة 25 في المئة والتي تساوي 75 مقعداً من عدد المقاعد الكلي البالغ 300» بالإضافة إلى المادتين الهامتين 79 و 80.

«المادة 79: يعتبر اتفاق جوبا لسلام السودان المرفق بهذه الوثيقة الدستورية والموقع في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2020 بين حكومة السودان الانتقالية وأطراف العملية السلمية، جزءا لا يتجزأ منها وفي حال التعارض بينهما يزال التعارض بما يتوافق مع نصوص اتفاق جوبا لسلام السودان».

 

 

 

 

 

«المادة 80: ينشأ مجلس يسمى مجلس شركاء الفترة الانتقالية، تمثل فيه أطراف الاتفاق السياسي فى الوثيقة الدستورية ورئيس الوزراء وأطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، يختص بحل التباينات فى وجهات النظر بين الأطراف المختلفة وخدمة المصالح العليا للسودان وضمان نجاح الفترة الانتقالية، ويكون لمجلس شركاء الفترة الانتقالية الحق في إصدار اللوائح التي تنظم أعماله».
ومن خلال هذه النصوص التي أضيفت للوثيقة الدستورية صارت هناك محاصصة 25 في المئة لقوى سلام السودان في المجلس التشريعي مع تعديل الوثيقة نفسها لصالح اتفاق جوبا لسلام السودان.

 

 

 

 

 

 

لكل ما سبق ذكره يمكن القول أن هذا الفصل الجديد من الفترة الانتقالية قد أضعف قوى إعلان الحرية والتغيير التي خرجت منها بعض الأطراف ولم تنضم لها أطراف أخرى حتى بدا لبعض القوى الأخرى ان هناك اصطفافا جديدا يضع العسكريين والمدنيين كطرفين متقابلين، ويمكن للمراقب للشأن السوداني استنتاج سطوة المجلس (مجلس السيادة) خصوصاً شقه العسكري الذي انه يتولى رئاسة المجلس في التسعة عشر شهرا الأولى؛ فقد تم تعديل الفترة الانتقالية في الوثيقة الدستورية لتيدأ الفترة من تاريخ التوقيع عليها بتعديل البند (1) من المادة (7) ليقرأ:
«1- أن الفترة الانتقالية تبدأ من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية المعدّلة وتمدد ليبدأ حساب التسعة وثلاثون شهراً من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان» وليس كما جاء في النص السابق للوثيقة الذي يقول تقرأ الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية الأولى وأن لرئاسة مجلس السيادة يتقلدها العسكريين في الـ19 شهراً الأولى.

 

 

 

 

 

 

طالما انه لم يتم تكوين المجلس التشريعي الذي كانت قد نصت الوثيقة الدستورية على تكوينه فإنه يبدو أن مفهوم العسكريين للسيادة يضعهم كعسكريين فوق غيرهم درجة أو درجات كما يفرض عليهم التصويت ككتلة انسجاما مع العرف العسكري بالانضباط ، ويضعهم هذا الفهم فوق التنفيذيين ويعفيهم من المساءلة لذا نجدهم يصفون الحكومة أحياناً بالفشل وكأنهم خارج دائرتها بينما يعطون أنفسهم كل مزايا السلطة والحكم المطلق.

عقبات وعقبات

هناك عقبات ماثلة أمام المرحلة وهناك أخرى على تخومها.
عندما تولى «زعيم حركة العدل والمساواة» د. جبريل ابراهيم، إحدى الحركات المسلحة، مهام وزير الماليّة في التعديل الوزاري الأخير، صرّح بأنه تولى المنصب للتأكد من إنفاذ الجانب المالي لاتفاقية جوبا لسلام السودان وهو مؤشر لدرجة الثقة في الآخرين، وهناك أيضاً حركتان لم تنضما إلى اتفاق جوبا رغم وجود تصريحات حول وجود تفاوض معهما هما الحركة الشعبية شمال /جناح عبدالعزيز الحلو وحركة تحرير السودان /جناح عبد الواحد محمد نور.

 

 

 

 

 

 

لكن السؤال هو هل سيكون هناك اتفاق مطابق لاتفاق جوبا لسلام السودان إذا تم اتفاق مع الحركتين غير المنضويتين حتى الآن للاتفاق، أم أن الحركتين ستطالبان بمطالب أخرى على مستوى «السلطة والثروة» إذا انضمتا للسلام وبالتالي ستكون هناك حاجة لتعديلات جديدة للوثيقة الدستورية 2020 المعدّلة؟ هناك أيضا الترتيبات الأمنية التي تتطلب نزع سلاح ودمج جيوش الحركات المسلحة في الجيش القومي وهي عملية تتطلب وقتاً طويلاً. وقد عبّر رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان «يونيتامس» فولكر بيرتَس في مؤتمر صحافي يوم 10 اذار/مارس عن مصاعب إكمال بعض هياكل الحكم الانتقالي بقوله إن «الوصول إلى سودان مستقر لا يمكن ان يتحقق في ظل وجود 3 جيوش» إضافة إلى أن تشكيل المجلس التشريعي قد تعطل فترة طويلة.

 

 

 

 

 

 

 

هناك أيضاً تجمع أسر شهداء جريمة فض اعتصام القيادة، ولجان المقاومة، واللتان لا يُعرف ما إذا كان قد تم إجراء مفاوضات معهما لتمثيلهما في المجلس التشريعي أم لا، وهذا يقود أيضاً إلى الحديث عن التحقيق في مذبحة فض الاعتصام والتي ما زال المسؤولون يرددون عند السؤال عنها بأنهم لا يريدون استباق نتائج تحقيق اللجنة التي يقودها المحامي نبيل أديب. لكن قضية مذبحة الاعتصام لها تأثيرها على أطراف مشاركة في قمة الحكم، وقد بلغ الأمر أن يتقدم مفوض من مجلس السيادة بدعوى ضد شاعر بسبب قصيدة تتناول المذبحة مما فجّر وربما سيفجر صراعاً قد يكون له ما بعده.

اقتباس
الترتيبات الأمنية تتطلب نزع سلاح ودمج جيوش الحركات المسلحة في الجيش القومي