X

الانفلات الأمني يثير غضبا في السودان… ومخاوف من طلب الشرطة الحصانة لعناصرها

الخرطوم ـ «القدس العربي» _ ترياق نيوز

 

 

 

 

تتصاعد الجرائم في السودان، لا سيما في الخرطوم وأمدرمان، ما يثير غضبا شعبياً تمثل بالتظاهر وقطع الطرقات، وفي حين تطالب الشرطة بتوفير حصانة قانونية لعناصرها لإنهاء الظاهرة، يرفض حقوقيون هذا الأمر، ويرون فيه امتدادا لعقلية النظام السابق.

 

 

 

 

وأعلنت قوات الشرطة السودانية القبض على المتهمين بقتل صاحب محطة وقود في مدينة أمدرمان، حسب ما قال الفريق عيسى أدم إسماعيل في مؤتمر صحافي أمس الأحد.

 

 

 

وأوضح: «بعد الحادثة دفعنا بعناصر لمكان الحادث، وقامت بالدور المطلوب منها من تصوير، وتحفظت على المتعلقات في محل الحادث من قميص ومنديل ولفافة حشيش، وبعد تحر دقيق، تم الكشف عن أربعة متهمين أشارت المعلومات إلى وجودهم في محل الحادث ووجودهم في الموقع ليس غريبا لأنهم عمال مع المرحوم في محطة الوقود».
وتابع: «بالتحري الدقيق اعترفوا أنهم ارتكبوا الحادث وكانت أدوارهم موزعة، اثنان مكلفان بمراقبة الوضع الخارجي لمسرح الحادث، والاثنان الآخران توليا اقتحام مكان الجريمة في المكتب، والهدف من التهجم كان السرقة، وكانوا غير متوقعين أن المرحوم موجود في الموقع، وبعد أن طرقوا الباب بشدة عاجلوه بضربة، ووقع وحدث له ارتجاج في مؤخرة الرأس ثم حاول استعادة قوته، ليقوموا بتسديد ضربة بحديدة على رأسه، ومن ثم تقييد أرجله بالحبال».

 

 

 

وزاد «قاموا بإدخال قطعة من القماش في فمه، وبعد ذلك فتحوا الخزنة حيث كان المفتاح موجودا في درج المكتب، ولم يعثروا على المبلغ المتوقع وهو أيراد محطة الوقود ليوم الخميس وتفاجأوا أن المبلغ تم توريده في البنك وعثروا على مبلغ لا يتعدى 100 ألف جنيه، وبعد ذلك ذهبوا لموقع تعاطوا فيه الخمور وبعد صلاة المغرب تفاجأوا بوفاة المجني عليه».

 

 

 

وبين أنه «رغم التحديات فإن الشرطة على عهدها دائما، ولا توجد جريمة تقيد ضد مجهول، وخير دليل بلاغ طالب الجامعة ثم هذا البلاغ، والشرطة الآن تعد العدة لتقوية أدائها في سبيل مكافحة الجريمة، وأطمئن المواطن أن الشرطة بخير وساعية لحفظ الممتلكات وأرواح المواطنين».

 

 

 

 

 

توفير حماية

وكان مواطنون غاضبون على جريمة القتل وتردي الأوضاع الأمنية، قاموا نهار أمس الأول بإغلاق جسر الانقاذ (كوبري الفتيحاب) احتجاجاً على مقتل أحد أقربائهم بواسطة عصابة نهب مسلح في محطة وقود في السوق الشعبي في أمدرمان، في وقت طالب فيه وكلاء محطات الوقود بتوفير حماية أمنية لهم على اعتبار أن محطات الوقود أصبحت هدفاً للسرقة بسبب توافر أموال ضخمة فيها بعد زيادة سعر الوقود، مُهدِّدين بالتوقف عن العمل.

 

 

 

 

 

وقال وكيل محطة «أويل أنيرجي» نادر هارون خليل، لـصحيفة «الصيحة» أمس الأحد، إن «محطات الوقود أصبحت هدفاً للنهب المسلح في ظل الانفلات الأمني الذي تمر به البلاد» مشيراً إلى أنّهم «يُطالبون وزارة الداخلية بتوفير الحماية لهم».
وزاد: «الحكومة كانت تقوم بتوفير الحماية في وقت اندلاع التظاهرات» وقال «ما دامت هناك سهولة أمنية تصل لحد القتل في وضح النهار، فيجب على الحكومة أن توفر الحماية لمحطات الوقود، خاصة وأن المحطات توجد بها دوماً أموال كبيرة جداً».

 

 

 

 

يأتي ذلك كله، بعد سخط شعبي كبير على تردي الأمن في ولاية الخرطوم، حيث تكاثرت حوادث القتل بسبب السرقة، وظاهرة خطف الهواتف وحقائب اليد من قبل لصوص يقودون دراجات نارية بشكل مكثف ومزعج.

 

 

 

 

وقال المواطن عيسى هارون، سائق عربة نقل ركاب لـ«القدس العربي»: «الشرطة واضح أنها تتقاعس عن أداء عملها وتوفير الأمن في الطريق العام لسبب غير مفهوم حتى الآن، حتى شرطة المرور لا تقوم بعملها مثل السابق وتختفي من الشارع بشكل غريب، ما جعل الناس في خوف وهلع كبير لحوادث النهب والقتل لأتفه الأسباب والمنقولات، الناس باتت تخاف السير في وسط الخرطوم، فكيف الحال في أطراف العاصمة حيث تكثر الجرائم؟».

إطلاق يد

في المقابل، رهنت قوات الشرطة اختفاء ظاهرة الانفلات الأمني في العاصمة التي تحوي في داخلها 12 مليون مواطن خلال أسبوع واحد، بمراجعة التشريعات والقوانين وإطلاق يد منسوبيها بمنحها الحصانة الكاملة لردع المجرمين.

 

 

تزايد حوادث القتل بهدف السرقة ونشل الهواتف وحقائب اليد

وقال مدير عام الشرطة، الفريق أول خالد مهدي، إن الشرطة تعمل في ظروف تشريعية دون المطلوب، وإن الشرطة تحمل السلاح ولا تستطيع استخدامه، مشيراً لإشكالات بالكادر البشري لقواتهم ونقص كبير وعزوف عن التقديم للعمل بالشرطة، بينما جزم بعدم وجود بلاغ ضد مجهول بأضابيرهم.

 

 

 

 

 

 

وكشف عن 7 طلبات تأتيهم من النائب العام لرفع الحصانة عن منسوبيهم الذين يقومون بتأدية واجبهم. وأضاف: الشرطي يعمل على باب الله بدون حماية قانونية وتلاحقه النيابة العامة ولو تم منح الشرطة الحماية القانونية الكافية لاختفت التفلتات الأمنية خلال أسبوع واحد، لافتاً أن التجاوزات في قواتهم حالات فردية.
هذا الكلام وجد استهجانا كبيرا وسط جمهور مواقع التواصل الاجتماعي وبين القانونيين، حيث كتب المحامي المعروف معز حضرة، أمس الأحد، تعليقا على حديث مدير الشرطة قائلا «عندما يقول مدير الشرطة (إن هذا الانفلات الأمني سوف يختفي خلال أسبوع واحد إذا منحت الشرطة الحصانة الكاملة) هذا القول يوحي أن هذه الأفعال يمكن للشرطة أن تمنعها، ولكنها متقاعسة عن ذلك إلا بعد أن تمنح الحصانة الكاملة».
وتابع «هنالك شيء مهم جدا أغلب انتهاكات الشرطة لا تكون ضد متهمين قبض عليهم في جريمة، وإنما كانت انتهاكات في ظروف لا تبرر هذا الانتهاك. أيضا مهما كان الأمر أو الوضع، القانون لا يعطي الشرطة الحق في انتهاك حقوق أي متهم أو إنسان».

 

 

 

 

..

عقليات النظام السابق

وأضاف «هذه العقليات التي تربت في ظل النظام السابق لا يفترض أن تكون على رأس قيادة الشرطة السودانية. هذه العقليات هي التي تؤخر محاكمات قتلة شهداء ثورة ديسمبر المجيدة وقبلها سبتمبر 2013. فبدلا من نقد النائب العام، وإن القضايا قد تأخرت، فليعلم الشعب السوداني أن تأخير قضايا الشهيد عبد العظيم وبكور وهزاع ليس السبب فيها النائب العام، كما يروج لذلك أصحاب الغرض، بل وجود أمثال هؤلاء الأشخاص على رأس قيادة الشرطة السودانية».
وزاد «الأسواء أنه يطالب بحصانة كاملة للشرطة، وهذا أمر لا يوجد في أي من بلاد العالم، حتى هنا مجلس السيادة والوزراء لا يتمتعون بالحصانة الكاملة وإنما حصانة إجرائية ويمكن أن ترفع بإجراءات قانونية».
وختم قائلا «يا دكتور حمدوك وفقا لسلطاتك يجب إقالة هذا الشخص فورا إن كنا نريد الشرطة السودانية أن تقوم بدورها المنوط بها، إن استمرار مثل هذه العقليات في الشرطة لا يبشر بخير».

خطة إسعافية

إلى ذلك، كشف وزير الداخلية الفريق أول عز الدين الشيخ، لبرنامج حوار البناء الوطني في التلفزيون القومي أمس الأول، عن تنسيق مع أجهزة الدولة لبناء استراتيجية أمنية تؤسس لبسط الأمن داخل الدولة الديمقراطية، وأيضاً خطة إسعافية عاجلة لحسم الانفلات الأمني بانتشار كثيف للقوات خلال الأيام المقبلة للحد من الجريمة.
وأشار إلى تنسيق وتفاهمات قيد النقاش والمداولة مع وزارة التعليم العالي لحفظ الأمن داخل الجامعات، فيما أكد أن الشرطة لا تتدخل في ممارسات الطلاب ولا تقيد حرياتهم الشخصية، ولفت الى أن وجود قوات للشرطة في الجامعات ترك لخيارات الجامعات في الإبقاء عليها أو الاستغناء عنها بالحرس الجامعي.

 

 

 

ونبه إلى وجود تقييم موضوعي مسؤول لعمل قوات الشرطة التي تؤدي واجباتها في ظروف ضاغطة جداً وفق الإمكانيات المتاحة، مشيراً أن الأمن هو هم دولة كاملة وليس الشرطة لوحدها.

 

 

 

 

وأضاف: الشرطة لا تتقاعس والأمن سلعة غالية الصرف عليه مكلف لكن انفراطه سيكلف أكثر.
وكشف عن الدفع بمقترحات تفهمتها قيادة العمل التنفيذي بالدولة لتمكين رجال الشرطة، جازماً بأن الشرطة تحاسب منسوبيها عند ورود أخطاء منهم، كذلك الدفع بمشروع لتأهيل وصيانة 540 من مراكز التأمين الموجودة بالأحياء, ودعا للموازنة بين مطلوبات الشرطة والوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد