X

جدل العلمانية ومغالطات المدنية… رؤية من الخارج

تقرير . الحراك _ نهى الحكيم

.

حكم السودان خلال الثلاثة عقود الماضية من قبل نظام الحركة الإسلامية المباد الذي كان يرفع شعار الحل في الشريعة الحل في الإسلام، وقد وجد الخطاب الديني المتبع أرضية خصبة في المجتمع السوداني الذي يعرف عنه تدينه الفطري الذي لا يختلف عليه اثنان ولا يزايد عليه إلا أصحاب الغرض و(المرض)، فماذا قدمت هذه الدولة بمشروعها الحضاري الذي تبشر به في كل حين وكل مناسبة. قدمت التفرقة وانقسام البلد إلى جزئين شمالي مسلم وجنوب سوداني بأغلبية مسيحية فضلت الانفصال على التواجد في وطن واحد يغلب عليه مشروع لم يراعِ هذا التنوع المميز والذي كان يمكن أن يكون موقع قوة، إذا أدير بحكمة وعقلانية بعيداً عن التأطير في قالب واحد لا يناسب الكل وكانت النتيجة معلومة وهي التشرذم؟ بعد ذهاب هذا النظام المباد ذهب أي كان تصنيفه منقوص غير كامل مخلفاً فلولاً في أي مكان وأي مؤسسة نشطين إعلامياً اسفيرياً يبثون سموماً يتلقفها البسطاء بنهم، وزادهم فيها العزف على العاطفة الدينية التي كانت الوقود الذي يستخدمه أصحاب المشروع الحضاري في السيطرة على معظم أبناء هذا الشعب الطيب البسيط المتدين، منذ أن عرفت الأديان السماوية طريقها إلى أراضيه وتشكل إنسانه المتعدد تركيبته السكانية على مر العصور. زاد الجدل مؤخراً عن خطر العلمانية بعد الثورة وارتفع الصوت بعد توقيع إعلان المبادئ الموقع بين الحكومة ورئيس الحركة الشعبية شمال جناح الحلو، وهناك الألف يتبرعون يومياً في شرح العلمانية التي عكسوها في ثلاثة أمور فقط (المرأة، وانحلال المجتمع، وفصل الدين عن الدولة وهذه النقطة مفسرة في إبعاد الناس عن الدين) وفي موقف محدد مسبقاً لا يتحدث أحد على أن العلمانية ليس بدين وليس بديلاً عن دين، بل تعطي كامل الحرية في العبادة والمعتقد فقط لا تسمح بأن تخضع الدولة لقوانين شرعية لا تناسب الجميع وتظلم فئة على حساب فئة أخرى. فالعلمانية مطبقة في كثير من دول المنطقة في محيطنا الأفريقي والعربي وهذه الدول ذات أغلبية مسلمة وتحكم محاكمها وفق الكتاب والسنة، كما تمتلئ مساجدها بالمصلين في كل فرض ومناسبة دينية كالعيدين، فإذا كانت العلمانية والدولة المدنية حافظة لتماسك تراب بلدنا فما الضير فيها وهي لا تسلب مني معتقدي وديني الذي ارتضيته، ففي زمن التكتلات والاتحادات في كل الدنيا انقسم السودان الذي رشح أنه قابل للانقسام بسبب التسلط وفرض رؤية واحدة لا تناسب الجميع. ومن باب أولى الحفاظ على الوحدة والتماسك على أي اعتبار لا يخدم إلا فئة معينة بمصالح محددة، لا تخدم وجود بلد مكتمل بشعب متبابين

 

 

 

 

رؤية أخرى
ذات الأيادي الخبيثة لازالت تعمل دون كلل أو ملل في تشتيت الناس وتشكيكهم بكل الطرق والأساليب المعهودة والمستحدثة، فالساحة السودانية في الأيام الماضية كانت تعج بجدل كبير عن ذلك التنسيق الرهيب الذي يفسر على أنه اتفاق مسبق وعنوانه العريض وقاسمه المشترك كالعادة (دي المدنية) و(دي المدنية الدايرنها)، ذلك بإدارة الرأي العام وقيادته إلى ناحية عودة قوانين النظام المباد لتكتمل هزيمة الثورة وكل في موقعه إعلامياً وقصة سيدة الأعمال الكنغولية وأمنياً تصريحات ذلك المسؤول في شرطة ولاية الخرطوم وقبلها الكثير من القضايا التي تدار بذكاء ودعاء وخطط لا يعلم الجميع مدى خطرها على التغيير الذي تقف كل الظروف ضده حتى مقدار مقدر من البسطاء الذين يقادون بأحاديث محددة معدة بعناية وتنتشر بسرعة البرق، تنطلق من أي تجمع اجتماعي أو عبر أشخاص عن سوء نظام الحكم الذي تدار به البلاد وإلى أي طريق سوف، يذهب وهذا لعمري حال كل الثورات الناقصة منزوعة الشرعية الثورية وضعيفة التواصل مع القواعد أو عامة الشعب.
رؤية أخيرة
انشغل قادة الثورة بالأزمات الاقتصادية التي تتفاقم كل يوم لأسباب معروفة وأخرى مجهولة ونسوا أموراً لا تقل أهمية في إيجاد حلول لهذه الأزمات وهي التواصل مع الشعب السوداني في المدن والفرقان والحلال، فالمواطن السوداني ببساطته يمكن أن يقف معك إذا شعر بوجودك إلى جانبه ومعه على الأرض، عالماً بمشكلاته وهمومه وهذا ما نجح فيه المباد وفك شفرته تماماً، لم يقدم مشاريع تنموية ضخمة حلت مشكلاتنا الاقتصادية ولم يترك دولة متماسكة، ولكن سيطر بخبث على هذا الشعب بالتواجد إلى جواره مستغلاً طيبته وسماحته