X
    Categories: اعمدة

فايز السليك .. يكتب .. مخاطر الانتقال في السودان “سيناريو” الانتقال في السودان: مأزق منتصف الطريق ” ٣ – ٤”

عوامل بنيوية: –
إن نظم الحكم الديمقراطي في كل العالم تبني نجاحها أو فشلها على عوامل بنيوية؛ تتمثل في القوى السياسية وطبيعتها، ممارستها الديموقراطية، الخطاب السياسي المواكب لمرحلة الانتقال، منظمات المجتمع المدني ومهامها، وسائط الإعلام وتأثيرها، وسائط التواصل الاجتماعي ونسبة انتشارها.

١-القوى السياسية:-
كان لقوى الحرية والتغيير دوراً ملحوظاً في عملية تنظيم وقيادة الشارع خلال فترة المواجهة مع النظام البائد، لكن بعد سقوط البشير، بدأ دور هذه القوى يتراجع على المستوى الجماهيري، فاتسم الأداء بالارتباك، ولم تنجح في دورها كحاضنة سياسية لحكومة الفترة الانتقالية، كما اتسم خطابها السياسي بالالتباس مع غياب واضح جداً للخطاب الفكري، والفشل في مواجهة الخطاب الديني السلفي المتطرف الذي بدأ في النمو من جديد ، وفي صد الهجمات الشرسة على الحكومة الانتقالية، وفي امتصاص احباط الشارع العام وتوجيه طاقات الشباب نحو البناء بدلاً عن حالة اليأس البائنة.
لقد برز تجاذب وتناقض قوى التغيير في المواقف، وبدا جلياً صراعات ذات مستويين؛ أولهما على المستويين الرأسي والأفقي. وتمثل المستوى الرأي داخل قوى الحرية والتغيير منذ أن قررت الدخول في تفاوض مع المجلس العسكري، لقد اعتبر البعض التفاوض خيانة، ورأى أن الجلوس مع المجلس العسكري يعني إقراراً لسيناريو الهبوط الناعم، يعتبر هذا التيار أن التفاوض مع المجلس العسكري هو طلب من من لا يملك حتى يمنح، فيما أعتبر آخرون رفض التفاوض يعني فتح الباب أمام سيناريو مواجهة مسلحة شرسة قد تضع البلاد على طريق سيناريوهات ليبيا، سوريا واليمن، بعد أن دعا الممانعون الى حل قوات الدعم السريع، ورفض التعاون مع ” اللجنة الأمنية” للبشير.
وعلى جانب آخر فمنذ بداية الفترة الانتقالية شكلت القوى السياسية غياباً مستمراً عن الجمهور حيث اختفت الندوات التنويرية واللقاءات الجماهيرية، وبالتأكيد كان لتفشي وباء ” كورونا” دوراً في انحسار الأنشطة الجماهيرية، إلا أنه كان في الإمكان و بقليل من الجهد تنظيم حوارات شفافة وجدية، عبر وسائل مختلفة من بينها استغلال التكنلوجيا الحديثة.
اتضح جلياً بعد مرور عامين من الانتقال اهتمام الأحزاب السياسية بما يمكن تسميته ” ((الديموقراطية الإجرائية)) دون اهتمام بالديموقراطية كثقافة وسلوك ومبدأ وقيّم. ونقصد بالديموقراطية الإجرائية” اخذ الجانب الشكلي والمظهري من الديموقراطية دون التركيز على جوهرها وبالتالي ممارستها، وبلا شك فلكل القوى السياسية مكاتب قيادية ومجالس مركزية، إلا أنها ظلت تهمل ممارسة الديموقراطية وثقافتها في إدارة الخلافات في داخلها وفيما بينها، ويتجلى ذلك عند بروز أي خلاف على منعطف طريق السياسة من جهة، وفي طبيعة كوادر هذه الأحزاب المدجنة، حيث تفتقر كثير من العناصر الحزبية إلى امتلاك عقل نقدي مستقل، وفي كثير من الأحيان تتحول إلى مسخ مشوه ونسخ مستصغرة من قيادات كياناتها، أو تتحول إلى جوقة تغني ما يقوله القادة، بل تعتبره منزهاً عن كل عيب.
إنَّ قوى التغيير السياسية لا تزال غارقةً في صراعات السلطة على مستواها الأعلى في الدولة، ولاهثةً وراء توزيع المناصب التنفيذية والسيادية؛ في وقت ظلّت تجهل فيه أهمية الاهتمام بالتغيير المجتمعي عن طريق غرس ثقافة الديموقراطية وقبول الآخر وبناء السلام الاجتماعي، فجعلها هذا الواقع تعجز عن استيعاب طاقات شباب المقاومة وتحويل هذه الطاقات الكبيرة في عملية البناء؛ بدلاً من أن تجرفهم مشاعر الإحباط إلى مستنقع من اللامبالاة والمشاعر السلبية، ومن ثَمَ تحولَّهم إلى عبوات ناسفة تعيق عملية الانتقال الديموقراطي، وتهدد مسألة تأسيس دولة مدنية ديموقراطية.
أما الصراعات على المستوى الأفقي فتتمثل في وجود تناقضات واضحة بين قوى التغيير في المركز، وقوى الهامش، ، فالمسلحون ينسجون الشكوك حول نوايا نخب المركز وشماله النيلي، وللشكوك ما يعززها من ممارسات وضعف خطاب المشروع الوطني القومي الذي يوحد ولا يفرق، ويعزز عوامل الوحدة بدلاً عن زيادة فتوق النسيج الاجتماعي ، إلا أن المسلحين ذات أنفسهم لا يخلو تكوين جبهتهم الثورية من بعض وجوه تحتطب في ليل غابات الهامش فتحمل معها أفاعي وعقارب، و للمفارقة فأن بعضاً من هذه القيادات ظلت ” جنرالات بلا جيوش” وقيادات بلا قواعد.
٢-تجمع المهنيين السودانيين:-
لعب “تجمع المهنيين السودانيين” رأس الرمح في قيادة الشارع خلال الحراك الجماهيري الواسع، فقد مثل حضوراً كبيراً في قلوب الثوار، وشكل محور تماسك متين، فقد كانت الجماهير تنتظر بياناته التي مست القلوب، وتلتف حول خططه في التظاهر والمواكب والحملات، وتنصاع لتوجيهاته بكل ثقة، ودون معرفة كنهه، إلا أن دور تجمع المهنيين بدأ في الانحسار منذ الأسابيع الأولى بعد سقوط البشير، فتضاءل دوره في قيادة الشارع، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل دخل التجمع في صراعات شرسة أدت إلى انشقاقه إلى تجمعين، واهل التجمعان مهامهما في استرداد الحركة النقابية من براثن عناصر النظام المباد، وبناء حركة جديدة بملامح ثورة ديسمبر المجيدة.
كان يمكن أن تكون الحركة النقابية ترياق شافٍ ضد أي مغامرة للارتداد عن التوجه الديموقراطي، وكانت البيئة ولا تزال خصبةً لتكوين نقابات ديموقراطية منتخبة، ومعبرة عن الفئات المهنية ومدافعةً عن حقوقها، ومنافحة عن الديمقراطية.
٣-منظمات المجتمع المدني: –

ليس بغائب عن المراقبين مساهمة المجتمع المدني خلال ثلاثين عاماً في الزود عن الحقوق المدنية، وكشف انتهاكات النظام لحقوق الإنسان، ورفع وعي الناشطين بقضايا الديموقراطية والحريات والجندر، مثلما كان لها دور مميز بخلق وتشكيل قوى ناعمة ساهمت في هزيمة البشير وجماعته، إلا أن أدوار هذه المنظمات لا تزال أقل بكثير من المطلوب في ترسيخ ثقافة الديموقراطية، وغرس بذور السلام الاجتماعي، ورفع وعي القوى السياسية والأمنية والعسكرية بحقوق الإنسان.
لم تستفد منظمات المجتمع المدني حتى اللحظة من مناخ الحرية الموجود لأداء دورها كقوى فاعلة وفعالة في المشهد العام، فلا تزال مرتبطة بجماعات من النخب دون التوسع قاعدياً وسط المجتمعات في الأرياف القصية، وحتى أطراف العاصمة الخرطوم.

٤-الإعلام والسوشيال ميديا

نحن نتحرك في مسار انتقالي ملئ بالمنزلقات والمنعطفات والألغام، وهذا ما يجعل مهمة الانتقال أمرأ ليست نزهة في طريق مشوق وجميلً، وفيما اتسم الاعلام الحكومي بالضعف، فقد طغى على خطاب قوى الحرية والتغيير الارتباك لدرجة الالتباس احياناً” هل هي قوى داعمة وحاضنة للحكومة الانتقالية أم هي قوى معارضة؟ وفي ذات الوقت؛ من الطبيعي أن ترتفع سقوف الأحلام في نفوس المواطنين بعد سقوط النظام، وهي بلا شك أحلام مشروعة تغذت من شعارات الثورة، وحماس الثوار، إلا أن سقف هذه الأحلام سريعاً ما يبدأ في الانخفاض مع كل اخفاق سياسي، أو تأخر في انجاز أحد أهداف الثورة، وحريٌ بنا هنا أن نشير إلى مقولة ” النظرية خضراء والواقع رمادي”.
مؤسسات الاعلام ووضعيتها الراهنة.
كان وزير الثقافة والاعلام السابق فيصل محمد صالح، قد أعلن “أن نسبة 90 في المئة من الصحف التي تصدر في الخرطوم “معادية للثورة، وتمثل خطراً كبيراً على مكتسباتها ولم يكتف الفلول بالسيطرة على الاعلام التقليدي مع امتلاكهم لمراكز تدير مجموعات من الناشطين/ت والصحافيين/ت لتقديم خدمة إعلامية مستمرة في شكل حملات عدائية تبث الدعاية المضادة، وتصنع الشائعات المحبطة بهدف خلق واقع يغرس الخوف واليأس داحل نفوس أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير.
الاعلام الالكتروني
ولا يحتاج المراقب إلا رصداً سريعاً يستنتج بعده استخدام الفلول وسائط التواصل الاجتماعي بهدف اضعاف الحكومة، كسر هيبة قياداتها، ومن ثم غرس الاحباط في نفوس المواطنين والاحساس بالفشل وعدم جدوى التغيير، ويقابل هذه الحملات حالة فشل كامل من قوى التغيير، إلا من حالات فردية، ونشير هنا مثلاً إلى نشاط أعداء الثورة في اطلاق حملات ضد ” العلمانية والدولة المدنية” مع حالة صمت من القوى السياسية.
إن ترك حقل وسائط التواصل الاجتماعي لعناصر النظام السابق يعدد مهدداً للانتقال الديمقراطي لأن الطبيعة لا تعرف الفراغ.
ليس من الضروري أن تجد الحكومة التصفيق حتى على الأخطاء، فالواجب يحتم توضيح الإخفاق، والبطء في تنفيذ العدالة، ومواجهة الأزمات الاقتصادية والصفوف التي تتكاثر باستمرار، وبلا شك هناك أصوات وطنية غاضبة تريد تغيير هذا الواقع الى الأفضل، ويجب التفريق بين الناشطين والمعارضين الذين يرغبون في تصحيح مسار الثورة، وفي مواجهة الأخطاء وتقويمها، وبين عناصر النظام الذين يريدون إعادة الوضع الى ما قبل ١١ ابريل ٢٠١٩ وارجاع عقارب الساعة للوراء.
من خلال عملية رصد سريعة ومسح على بعض المشاركات والمداخلات في حسابي وجدت أن نسبةً كبيرة من المتداخلين/ت الأعلى صوتاً تابعون للنظام المباد، وللمفارقة يثيرون قضايا دماء الشهداء، بطء العدالة ولجان التحقيق، الأزمات الاقتصادية والفساد بغرض تحريك الشارع واثارة الصادقين من المعارضين للحكومة.
وفي المقابل لا يوجد خطاب موازٍ تطرحه القوى الديمقراطية، وأِشير هنا مثلاً ظلت القوى السياسية تلوذ بالصمت عند طرح قضايا العلمانية، في وقت تستمر فيه آلة النظام الإرهابي في ضخ خطاب مثير للكراهية، ويقدم معلومات خاطئة عن العلمانية، ويمارس هوايته في التضليل.
؛ واذا كانت تلك التحديات مرتبطة بتركة نظام البشير، فأن التحدي الثالث يبني منصة انطلاقه من داخل قوى الثورة، و القوى ذات المصلحة في التغيير، ويتمثل التحدي في شبح الانقسامات وحال التشظي السياسي والاثني والجهوي، وانتشار العنصرية والعنصرية المضادة في أقبح صورة.

ونجحت مخططات المنظومة الساقطة في جرف عدد كبير من الثوار في مستنقعات الكراهية والعنصرية وتشجيع القبلية وتمجيد رموزها، وشيطنة المشاركين في الحكم الانتقالي والتشكيك في وطنيّتهم ونزاهتهم، ويقصد القائمون على هذه السياسات الإعلامية ابعاد الوطنيين عن المشهد العام، بعد إقامة المحارق وحفلات الشواء، وينشط معارضو الحكم الانتقالي والانتقال الديموقراطي في حملات تكرس للآتي :
1- نشر أخبار كاذبة.
2- بث شائعات متواصلة.
3- السخرية من رموز الحكومة والتعريض بها.

عوامل سياقية
١ – انتشار السلاح والمليشيات
وخارج عن العوامل الذاتية المرتبطة بقوى التغيير وحكومتها، تقع فترة الانتقال في سياق ينذر بانزلاق الدولة في أتون مواجهات مسلحة، ويتمثل ذلك في ظاهرة انتشار السلاح، المليشيات المسلحة، تأخر عملية انفاذ اتفاق جوبا للترتيبات الأمنية والعسكرية، ، بالإضافة الى قوات الدعم السريع والحركات المسلحة والدعم السريع، الذي انقسمت حول وضعه قوى التغيير ومع اتجاه بعض كيانات الى التعامل بواقعية ” براغماتية” مع القوات المثيرة للجدل، سارعت قوى أخرى للتعامل معها كعدو، لا سيما بعد أحداث فض اعتصام القيادة العامة. لقد رأى البعض خاصة قوى ” نداء السودان” أن قوات الدعم السريع يمكن أن تكون شريكة في المرحلة الانتقالية في حفظ التوازن وتفكيك مليشيات الإسلاميين، إلا أن تياراً أخراً، لا يمكن التقليل من حجمه ظل يدعو باستمرار الى حل القوات وتسريح أفرادها، أو دمجها مع القوات النظامية وتنفيذ اتفاق السلام بإنشاء جيش واحد مهني وبعقيدة وطنية.

٢-أزمات الاقتصاد:-

تشمل العوامل السياقية كذلك الأزمة الاقتصادية المتمثلة ندرة السلع الاستراتيجية، الغلاء، ضعف قيمة العملة الوطنية، تدهور البنى التحتية وضعف الخدمات الأساسية بما في ذلك الكهرباء، غاز طبخ الطعام، صفوف الوقود، البطالة والعطالة.
جدير بالذكر الإشارة الى نجاح حكومة الانتقال في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وعودة البلاد إلى المجتمع الدولي، وفي تمهيد الطريق نحو اعفاء الديون، جذب المستثمرين، الحصول على قروض ومنح لتشييد بنية تحتية جديدة.
ويتمثل النجاح الأكبر في الحفاظ على الحريات، والسير خطوات كبيرة في مسيرة تحقيق السلام واسدال الستار على فصول الحرب الدموية.

٣- الدولة الموازية

لم يكتف الإسلاميون باختطاف جهاز الدولة، بل أسَّسوا دولةً موازية، أنشأت أذرعاً أمنية من مليشيات كالدفاع الشعبي، الأمن الشعبي والشرطة الشعبية. وتتطابق أضلاع المثلث في تعبئة عناصرها بعقيدة قتالية دينية، متشددة، قائمة على دعوة الجهاد، ومتغذية من شعار ديني يقول ” فلنعد للدين مجده، أو ترق منهم دماء، أو ترق منا دماء، أو ترق كل الدماء”. تقدر مصادر أعداد قوات الدفاع الشعبي التي حاربت في جنوب السودان تحت شعار ” الجهاد ” بحوالي (٩٠) ألفاً، بينها (١٠) آلاف عاملين و(٨٠) ألفاً في الاحتياط. وتشير بعض التقديرات إلى أن تنظيم الإسلاميين بكامل قواته وأفراده الملتزمين عسكرياً تبلغ حوالي ٤٠٠ ألف عنصراً
ليس من السهل استسلام الإسلاميين لفقد السلطة وما فيها من نفوذ وجاه، لذلك أتوقع اشهارهم ورقة ” الإرهاب” وايقاظ خلاياهم النائمة، والعمل على نسف الاستقرار، بإعادة ضبط موجة تلك الخلايا نحو اتجاه الهدم والتخريب المادي والإرهاب الفكري ، وضخ دماء الكراهية، عبر قيادات دينية متطرفة.
ليس ببعيد سعي المتطرفين لتكرار تجربة العراق بعد سقوط صدام حسين، حيث انتشرت الجماعات الإرهابية منذ أبو مصعب الزرقاوي وحتى الدواعش، لقد وجدت تلك الجماعات السلاح المنتشر، وليس بعيداً أن تستغل قيادات إسلامية هشاشة الأوضاع لتهديد النظام الديموقراطي في السودان.

٤-عوامل خارجية محيطة
قبل سقوط المخلوع عمر حسن، كانت هناك تحركات إقليمية خلال صراعات المحاور لكيفية التعامل مع الحراك الجماهيري، والسيناريوهات المحتملة بما في ذلك بقاء المخلوع، أو اجراء جراحات تجميلية سطحية تبقي الأصل مع وضع مساحيق توهم البعض بوجود تغيير.
لكن سقط المخلوع وتناثرت الأوراق، إلا أن السودان بموقعه الجيوسياسي يظل مثر اهتمام كبير، فهو البلد المجاور لساحل البحر الأحمر في ظل تسابق للسيطرة على كل حوض البحر الأحمر الذي يبدأ بصراعات اليمن، ومشاكل الصومال القريبة من البحر، ووضع الشرق الأوسط والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مثلما يجاور السودان عدداً من البلدان التي تشهد توترات داخلية أو مع دول الجوار، يحدث كل هذا وبالسودان جذور عميقة لوجود حركات إسلامية متطرفة ظلت تتلقى الدعم اللوجيستي والسياسي والمعنوي من نظام البشير.
إن حدوث أي اضطرابات داخلية في السودان سوف تنتقل الى دول مجاورة، مثلما أن استقرار السودان ونجاح تجربته قد تخيف بعض الدول، من منطق التأثير والتأثر.

إن عملية الانتقال الديموقراطي في السودان لا تعني السودانيين وحدهم، فهناك من لا يريد النجاح للتجربة مخافة تصديرها، أو اعتبارها نموذجا يحتذى به، ومنارةً تضئ الأفاق المظلمة، لذلك ستتحرك بعض القوى لمواجهة التحول السوداني.
٥- القبلية والعنصرية:
حين حكم الإسلاميون السودان عنوةً بقوة السلاح، وتضليلاً بالشعارات الكذوبة، لم يجتهدوا في عملية بناء دولة وطنية، وكلما فعلوه هو ” اختطاف ” هذا الكيان الهش، وأرى أن الحديث عن ” دولة عميقة” مجرد استلاف كسول لهذا المصطلح من تجارب أخرى، لأنه ليست هناك دولة بقدر ما توجد أجهزة توظيف وسيطرة، جبايات بلا رعاية، فكان أن تغذت العنصرية واستوى عود القبلية في بلد متعدد الثقافات والأديان.