X
    Categories: اعمدة

حيدر الفكي .. يكتب .. “حتى الآن” .. العدالة في مهب الريح

هبت ثورة ديسمبر المجيدة قبل نحو أكثر من عامين تحمل لواء التغيير بشعار حرية سلام وعدالة وهو شعار ثلاثي الابعاد ملهم وقوي وجاد وهتفت به حناجر الشباب وكل فئات المجتمع حتى عم الآفاق وتجاوز حدود الوطن واصبح ايقونة لكل الشعوب وكان الحرص على تحقيق الهدف لا يحتاج إلى حصيف فهو اوضح ما يكون والإصرار وتحدي الجبروت بقوة الكلمة والإرادة وكان الصبر والجلد ومكافحة ومنافحة الطغيان بعرق الجباه الشم وسالت دماء الشهداء الطاهرة الذكية وكانت ثمنا باهظاََ وغاليا ومؤلما من أجل ان يحيا هذا الشعب وان يعيش وينتصر وقد تحقق المراد وانتصرت الثورة بهذه التضحيات الجسام وقد رسم الشهداء فجر العيد بالدماء في صباح فض الإعتصام (وكان في الخطوة بنلقى شهيد .. بدمو بيرسم فجر العيد) وكان إختلاط المشاعر بين الفرح والإنتصار لنجاح الثورة والألم والحزن على الشهداء المغدور بهم .. بعد كل هذا المشهد الذي استمر شهوراََ متواصلة ليلاً ونهارا وبكل انواع البطش والنزيف اثناء عملية الحراك الثوري الصلب تم التتويج بالنصر وإنهزام معسكر الشر وبعد أكثر من سنتين من التغيير لابد أن نراجع حلقات الثورة الثلاث وشعارها حرية سلام وعدالة ومدى موافقته مع أحلام وتطلعات الجماهير .. وبالفعل اصبحنا نتنفس الحرية ونعيشها واقعا وبكل جمالها وبعضا من آلامها لأن الحرية والديمقراطية نور ونار فمن اراد النور لابد ان يكتوي بالنار وكذلك تم تفعيل عجلة السلام رغم وعورة التضاريس وحجم التحديات وكثرة الأسئلة اللامنتهية ولكن يظل حقن الدماء هو الإجابة لكل الأسئلة المتمددة والتي تحمل بعضها تبعات اصحاب الغرض وتحمل بعضها صدق الحادبين على مصلحة الوطن .. ولكن تظل الحلقة الأضعف هى حلقة العدالة وهذا هو بيت القصيد المؤلم ومكمن الداء العضال وللأمانة عندما تصبح العدالة هي الحلقة الأضعف يصبح الأمر خطيراََ جداََ ويحتاج الى وقفة جادة قوية يمكن أن ترقى الى مستوى ثورة جديدة لإستكمال مهام الثورة !! وهل هناك مهمة أكثر أهمية من العدالة ؟؟!! الإجابة قطعاََ لا … وإذا نظرنا لواقع الأجهزة العدلية في عهد النظام البائد نلاخظ انه أن أول ما فعله نظام المخلوع البشير بعد انقلاب يوليو 1989 هو تدمير النظام القانوني بشكل تام وتم بناء وهيكلة الاجهزة العدلية على انقاضه لكي تتبع بشكل كامل بوصلة النظام الجديد وتجريدها التام من الحيادية ودورها الرقابي وكان من آثار ذلك طول مدة حكم النظام البائد الذي استمر ثلاثة عقود افرغ خلالها النظام البائد النظام القانوني من الكادر والمهام واصبح مجرد من القوة والفعل وبهذا اصبح الطريق معبداََ أمامهم يمارسون الفساد بكل أنواعه بعد ان تم ترويض الأجهزة العدلية بل صار الفساد مقننا وتحت حماية هذه الأجهزة الهزيلة .. وبعد ان ذهب النظام البائد إلى مذبلة التاريخ استبشرنا خيراََ بأن يكون أول الأصلاح هو إصلاح الأجهزة العدلية وتنظيفها لأن مهام الثورة لايمكن ان تتحقق في ظل هذا الوضع القانوني السيئ ولكن خاب الظن وتقع كل المسؤولية على النائب العام الحبر ورئيس القضاء نعمات فقد كان ومازال دورهم سالب ووجودهم من عدمهم واحد وتعالت الهتافات بمغادرتهم المشهد العدلي ولكن لا حياة لمن تنادي !!! هذا الوضع لايمكن بأي حال من الأحوال ان يستمر هكذا .. منتهى الفوضى في كل شئ وغياب قوة القانون ادى الى خلل كبير على مستوى الأمن وأستقوى اصحاب الغرض بعد ان أدركوا ضعف الأجهزة العدلية واذا استمر هذا الحال ستحدث كوارث يندى لها الجبين ويصعب ان نتصورها ..
إذا اردت ان تعرف مدى التطور والمرحلة التى وصلت اليها أي دولة ما عليك الا ان تراجع نظامها القانوني فهو المرآة الحقيقة للمجتمع
شئ من حتى .
ما حدث في مشرحة مستشفى ودمدني من سوء وعدم احترام لآدمية البشر حتى الأموات ناهيك عن الأحياء وعدم اتخاذ خطوات قانونية رادعة فتح الباب للمزيد وقد تم بالفعل وكانت مسرحه مشرحة مستشفى التميز الأكاديمي هذه المرة في أسوأ حالة ممكن يتخيلها العقل البشري وغدا بلا شك موعودين بالكثير المثير الخطر .. هكذا يكون الحال عندما يغيب القانون وتغيب قوته وسطوته