X
    Categories: اعمدة

هــديــل حـبـيـب .. تكتب .. ” أخـــــــر الـــــقــــول ” .. بـعودة “المقـرن” عـادت لنـا الـحياة !

سابقاً عندما أغلق منتزه المقرن العائلي أبوابه دون سابق إنذار بصورة مفاجئة في ظروف غامضة لم توضح حتى الآن ، حيث تعددت الروايات وراء ذلك الإغلاق الذي فوجئنا به وصار شغلنا الشاغل أنذاك لأهميته في حياتنا ، وكانت أبرزها تلك الروايتان اللتان تشيران إلى أنه تم بيعه لأحد المستثمرين الأجانب والأخرى لأجل إعادة تشييده في شكل فنادق تستوعب السياح والزوار ، وما بين هنا وهناك صدق الناس تلك الروايات التي أطلقت لعلمهم علم اليقين أن منتزه المقرن يتمتع بموقع إستراتيجي يجعله في نظر الجميع إستثنائي وفرصة لأطماع الكثيرين ، أما عني فكان حدسي دائماً ما يحدثني في كل مرة أنه سيفتح أبوابه من جديد وسوف يستقبلنا ببشاشته المعهودة وحنينه المألوف وتلك حفاوة الإستقبال التي نعرفها منذ نعومة أظافرنا جيداً ، واليوم لم يخيب ظني ؛ ها هو يفتح أبوابه في ثوبه الجديد وبروحه القديمة التي نألفها ونحبها ، وها نحنُ سررنا بمجرد سماعنا هذا الخبر الذي نزل علينا برداً وسلاماً !
كنت كُلما مررت بجانبه ينتابني شعوران مختلفان أحدهما حزن لأنه ما زال ساكناً هادئاً باهتاً بل مظلماً ، ونحن لم نعتاد عليه بهذا البؤس والهجران ، حزن لفقدنا كل تفصيلة كانت تجمعنا به وفيه ، وما أسوأه من شعور .. ووسط هذا ثمة شعور بالسرور يغمرني كلما مررت به حيث أن ذاكرتي تنتعش وتبتهج وتكون نشطة وحيوية حتى بإستطاعتها تذكر مواقف ولحظات بحذافيرها وإن مضى عليها سنوات لم تكن بالقصيرة !
أعتقد أن ذاكرة الإنسان تصبح في قمة نشاطها وعطائها بل في أفضل حالاتها كلما مر صاحبها بالأماكن التي يحبها ولها وقع خاص في قلبه ..!
لذا أنصح مصابي الزهايمر بالتجربة علهم يجدون المنفعة والشفاء !!
أظـن إذا منحت قليل من الوقت لذاكرتي لربما تذكرت وجوه العابرين داخل المنتزه آنذاك ، لا أود المبالغة ولكن للأماكن سحر لا يفقهه إلا القليل !!
فالمقرن يا سادة ليس مكاناً للترفيه فحسب وإنما يعني لنا الحياة .. الحياة التي لم ندرك فيها سوى لغة (( السلام والحب )) ! أبداً لم يكن في نظرنا عادياً ، كم طاب لنا الجلوس معه وفيه ، شاهداً لمناسباتنا ولحظاتنا ولماتنا السعيدة ، كما أنه حافظاً جيداً لملامحنا كحفظنا لطرقاته وممراته وطوله وعرضه والعابه وطلاء جدرانه بل حتى عدد شجيراته ، حقاً هذا المحبوب احتوانا بدفء وحــِن ، لم نجد الراحة والإستمتاع إلا في ساحته ، جمع أهل السودان شيباً وشباب أطفالاً وصغار بمختلف انتماءاتهم وفئاتهم العمرية وإختلافهم في مكاناً واحداً كما العائلة الواحدة ، وصار اسم على مسمى ( منتزه المقرن العائلي ) في الحقيقة بيننا وبينه علاقة وطيدة لم يمحوها الزمان ولم ولن يدمرها الواشون والمنافسون ، هو الأول والفائز بقلوبنا دائمًا وإلى الأبد !!
لـقـد عــدت يا مـقـرن وســنعود نـحـن حتـماً ، ولـكن نخشـى أن لا تـتعرف علينا بـعد مـا شاخـت مـلامـحنا قـبل أوانهـا بسـبب مـا تـمـر بـه البـلاد مـن أزمـات .. لـذا ما أحـوجنا إليك لتنقـذنا من فـرط التـفكير وفتـور المشاويـر والـواقـع المريـر !!!
#أخــــــر _قـــــولـــــــي :
غـداً سنلتقـي هنـاك في ذاك البراح الممـدود وعلـى سيـرة المحبـوب بعـد الغياب وعنـدها سنغنـي ونغنـي شوقـاً ووفـاءً ونعيـد حنيـن الذكريات ونحيي بريق سيرتنا الأولـى ونعود كما كُنا ..!!!!