X

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. ” فزع الحروف ” .. من المستفيد من شيطنة الاحزاب ؟!

البعث الثوري الذي تجسد أمس في ملحمة الأحد ١٩ ديسمبر رغم رسالته الواضحة والتي بصمت على شعار الثوار ” الردة مستحيلة ” ، وأن الثورة بالغة منتاهها وإن ” أبا الإنقلابيون ” ، ويكفي ذلك إعتراف أعداء هذا الحراك الثوري ضد قرارات ال ٢٥ من اكتوبر قبل أنصاره .
فإذا أعتبرنا بأننا امس شهدنا فريقين هما القوى الثورية من لجان المقاومة ومكونات أخرى ضد الداعمين للانقلاب فكان الأمر بالنسبة للثوار كالمصارع الذي نال مبتغاه وقضى على خصمه بلكمات قاتلة لكنه رفض أن يحسم المباراة أما لمزيدا من التشفي أو أنه يرغب في إنهاء المشهد في وقت يريده هو ولغاية يعلمها .. والشاهد في الأمر لم يشك أحد امس في إرادة الثوار في تحقيق هدفهم متى ما أرادوا ذلك بعد أن أحكموا قبضهم على القصر الرئاسي .. وأعتقد التراجع عن فكرة الاعتصام لم تكن صدفة وإلا لما حددوا “مليونيات ” بعدها ٢٥ و٣٠ ديسمبر الجاري ..
لكن الملفت في الأمر العبث بسلاح السلمية الذي حققت به ثورة ١٩ ديسمبر كل نجاحاتها وما زالت تقف أمامه جحافل القوات المدججة بالسلاح وتريد الإنقضاض على الثورة عاجزة ، فكان اللجوء للعنف على الزميلة الصحفية لينا يعقوب والقيادي ابراهيم الشيخ أسوأ ما خدش اللوحة الثورية أمس وما زلت أمني النفس بأن يكون الذين اعتدوا أمس بأنهم ” مندسين ” .. لكن الحقيقة المرة تقول أنهم ثوار حقيقين دفعهم غبن شديد على مراسلة قناة العربية التي عملت بجهد ل ” تغبيش الحقائق وكذلك تتهم قناة ” الحدث ” بأنها تعمل لصالح محور ضد الثورة أما ابراهيم الشيخ يمثل رمزية لنخبة من الثوريين الحقيقين لكنهم أضاعوا فرص ثمينة وأهدروا وقت غال كان ممكن أن يوفر دماء غالية ” نحو خمسين شهيد ” سقطوا بعد قرارات الانقلاب الأخير حتما هذه الدماء لا يتحمل وزرها الانقلابيين وحدهم بل حتى الذين منحوهم هذه الفرصة .. لكن كل ذلك لا يبرر العنف وأن تفقد الثورة سلاحها الأوحد والمجرب لدحر أعداء الثورة والثوار .. نعم الذين خاضوا تجربة الحكم بعد إتفاق ١٧ اغسطس تحملوا عبء وقت عصيب وكانت مغامرة قاسية دفعوا ثمنها هم اولا .. وذلك الفشل لم يكن مستبعد على الاطلاق لتجربة جاءت بعد ثلاثين عاما من الخراب عاث فيها نظام الانقاذ فساد فكانت تجربة الحرية والتغيير معايشة مع بقايا ذاك النظام ما ظهر منها وما خفي وما خفي أعظم .. ولكن الذين خاضوا التجربة يجب أن يجدوا الانصاف في ما أخفقوا وفي ما أصابوا ويجب أن يجدوا الانصاف وهم الذين كانوا في ” وجه المدفع ” للانقلابين حيث مورس عليهم اغتيال جسدي ونفسي ومعنوي ولذلك الوقوف ضدهم مناصرة للعدو الاساسي هم الانقلابين أعداء التحول المدني الديمقراطي ثم أن دفاعنا عنهم لا يعني إعادتهم لكراسي السلطة بالضرورة .. وهل يستقيم بأن كل من يفشل في تجربة نحن نصنفه عدو للثورة ونفقده أم الانسب نقيم تجربته ونبني على ايجابياته ونتجنب سلبياته .. أما الاعلام المضاد للثورة ليس بالضرورة مكافحته بالاعتداء على الزملاء ولا يمكن أن نختزل تجربة هذه الثورة ونفقدها بريقها بالإعتداء على شخص ..
لكن الأخطر من كل ذلك هو النجاح النسبي لاعداء الثورة الحقيقين بفصل مكونات الثورة عن بعضها البعض مثل ما يحدث الآن من شيطنة للاحزاب وعزلها من لجان المقاومة الفاعل الرئيس في الشارع الثوري ، بالتأكيد الثورة لا تحلق بجناح واحد فالقوة الثورية تحدث التغيير بادوار تكاملية بين القيادات السياسية التي تخطط وتنفذ وتمسك بزمام الامور والحشود هي قوة الدفع للتغيير وهي الحارس الامين لمخرجات التغيير وهذا لا يعني بأن يظل كل من في الحشد ثابت فأي من الثوار قد يتقدم الصفوف في أي يلحظة ويصبح قائد وأن القيادة درجات ولذلك يجب على أي فرد في المجتمع ان يجود دوره في الموقع الذي هو فيه والممارسة الديمقراطية وحدها هي القادرة على فتح الباب لكل طامح في التقدم .. وليس هنالك ديمقراطية أو مدنية بلا احزاب وإلا تكون مزيفة مثل تجربة الاتحاد الاشتراكي او سيئ الذكر المؤتمر الوطني لكن دعونا نتعرف على من المستفيد من شيطنة الاحزاب وفصلها عن الشارع الثائر الآن .. وللحقيقة والتاريخ الاحزاب التي لديها جماهير حقيقية لا يمكن تنفصل عن الشارع لكن ممارسة الشيطنة هذه ” تحدث انقسام في الشارع وتحول دون تحقيقه لهدفه ، والذين يستفيدون من ذلك هم اولا الانقلابيون الشموليون عسكر ومدنيين ، ثانيا الانتهازيين الذين لا يجدون فرصة في تحقيق مآربهم الذاتية إلا في عهد دكتاتوري شمولي .. ثالثا أذناب الجهات الخارجية الذين ينفذون اجندة دول لا تريد خيرا لهذا الوطن وشعبه .. عليه على جميع الثوار والاحزاب استدراك هذا الخطر ولملمت الاطراف وتصحيح هذا الخطأ الفادح واستعدال ” القطر ” في السكة الصحيحة قبل أي مليونية قادمة ..
والثورة منتصرة بإذن الله _ والردة مستحيلة ..