X

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. ” فزع الحروف ” .. قضية كوفتي .. ثورة عدالة تبدأ بعد النطق بالحكم !

رغم برودة الطقس هنالك كثير من الاحداث ترفع درجة حرارة الشعب السوداني ، الذي يعيش عهد التغيير على كل المستويات .. ثورة في الشارع تنبئ بتغيير يجري في البلاد ، بعد حالة الانسداد الماثلة فالإرادة السودانية قادرة على إعادة الامور الى نصابها فتعود دولة القانون والعدالة طايعة مختارة وإن كره الفاسدون ..
في المقابل ايضا هنالك ثورة عدالة تجري داخل القاعات ستغير المعادلة وتفكك منظومة الفساد .. واحدة من هذه القضايا هي القضية الشاكي فيها شركة كوفتي للمواد الغذائية ومديرها العام صديق محمد صالح ضد الشاب محمد صديق سليمان بتحريره شيكات بدون رصيد ، بمبلغ تجاوز ال ٢٦ تريليون .. حقيقة هذه القضية قطعت اشواطا كبيرة ومر عليها عدد اثنين من القضاة ونحن هنا ليس مهمتنا تحديد أو إصدار حكم ، وهذه مهمة القضاء وهو المنصة المقدسة التي يحتكم إليها الخصوم ودورنا ينحصر في نقل المعلومة التي تتوفر إلينا ونقدر أنها تهم الرأي العام وتحقق مصلحته ..
إذن هذه القضية للنظرة إليها بصورة عامة بأنها قضية عادية تحت المادة ١٧٩ من القانون الجنائي تحرير شيكات بدون رصيد ، لكن بمتابعتنا لجلسات هذه القضية أكتشفنا انها قضية دولة من الدرجة الاولى ، وقضية أي سوداني يعاني ضنك العيش ولا يعلم من هو الذي تسبب في فقره وبؤسه . وهنا أصبح ليس مهما لدينا المتهم محمد صديق سواء كان مذنبا أو برئيا ، لسبب بسيط هو بأن حجم الفساد والممارسات التي تمارسها هذه الشركات والتي تدعي النزاهة والوطنية يشيب لها الولدان . وفي تقديرنا كان يجب أن يتم بث هذه الجلسات مباشرة لأننا مهما ما كتبنا لم نستطع عكس حجم الكارثة التي كشفتها هذه القضية والتي تقف وراءها شركة كوفتي واخواتها .. ولذلك فقط نورد بعض النقاط في هذه القضية للتذكير ثم نورد إليكم الجديد في هذه القضية ..
حيث المثبت أمام القاضي بأن محمد صديق هو وسيط لشركة كوفتي لشراء العملات والذهب ، والاتهام يقول أنه وسيط لشراء حاصل الصادر . المهم في الأمر حوالي تسعة شهود ومستندات الدفاع بقيادة المحامي الدكتور عادل عبدالغني أثبتت عدة حقائق ابرزها أن كوفتي تعمل في شراء العملات الصعبة بمرابحات وهمية وتوريدها في بنوك خارجية ، مثل بنك النيلين ابوظبي .. وأن هذا المبلغ هو فاقد ايرادات للدولة كان متهم فيه مدير عام شركة كوفتي صديق محمد صالح من قبل مباحث السلع الاستراتيجية تحت المادة ٥٧ أ تخريب الاقتصاد وبقدرة قادر تحول الى شاكي بدل متهم . ايضا شهادة ممثل بنك الخرطوم اكدت بأن التوقيع على شيكات المتهم موضع القضية غير مطابق وهذه الشهادة تؤكد حديث المتهم امام القاضي بأنه لم يحرر هذه الشيكات .. بالاضافة لشهود اكدوا بأن المتهم تعرض لتصرفات استغلال السلطة والنفوذ في حقه .. لكن شهادة الدفاع الأبرز كانت لمراجع قانوني شهير وضع امام القاضي تقريرا من سبعين صفحة تقريبا واكثر من اربعمائة مستند وهي كلها موضوعة امام القاضي اكد خلالها بأن محمد صديق مجرد وسيط وأن كل المبلغ الذي ورد في حسابه أقل من ١% وهو مبلغ يعتبر مجرد عمولة بل الاخطر من ذلك أكد بأن اسماء الاعمال التي يتعامل معها المتهم وهي تقريبا عشرة اسماء اعمال منها اربعة وردت اكثر من مبلغ المطالبة موضع القضية بل كوفتي اصبحت مدينة لهذه الشركات أو اسماء الاعمال .. وهنالك كثير من الوقائع في هذه القضية لكن ما اوردناه للتذكير فقط ..

الجديد في الامر هو ما حدث في آخر جلسة والمحكمة تمضي الى نهائيات هذه القضية وكما جاء في وسائل الاعلام بأن محامي الاتهام من طرف كوفتي الاستاذ احمد خليل طلب رفض شهادة المراجع شاهد الدفاع التاسع تقريبا وذلك بسبب عدم أهليته وقال أنه اتهم في ذمته بانه تلقى مبالغ ” رشوة ” كما اشار الى مصدر مستنداته . . وهذه فندها محامي الدفاع عادل عبدالغني الذي قال بأن المبلغ الذي قيل أنه تعاطاه المراجع ليس رشوة بل مقابل اتعابه بل وحتى لو أدين بذلك لا تسقط شهادته لأن هذه القضية مضى عليها اكثر من خمسة سنوات .. حيث استلم القاضي الطلبات لمرحلة وزن البيانات .. وحددت جلسة لتقديم المرافعات إذانا باسدال الستار على هذه القضية ..
لكن دعونا نقف عند طلب محامي الاتهام احمد خليل محامي كوفتي الذي طعن في المراجع في قضية مضى عليها اكثر من خمسة سنوات بغض النظر عن صحتها من عدمها .. لكن وبرؤية القانونيين بأن هذا الاعتراض لا يمس جوهر الشهادة وبإقرار محامي الاتهام وما أوضحه المراجع نفسه امام القاضي بأنه اخذ تقاريره من دفاتر محاضر المحكمة ومكاتب التحريات وأن المستندات هي صورة المستندات لدى القاضي ، اعتقد ذلك يعضد هذه الشهادة لأن دور المراجع هنا قدم الرأي الفني في مجال اختصاصه فقط استنادا الى تجربته الثرة ، وهو عمل على تكييف البيانات ووزنها واكتشاف الثغرات فيها وهذا كان يمكن أن يقدمه أي مراجع آخر ، إذن هذه شهادة فنية بحته ويمكن اظأن يصل لها القاضي بنفسه في مرحلة وزن البيانات وفحص المستندات ، ولا أعتقد بأنها تتأثر كثيرا باخلاق مقدمها لكن في النهاية الحكم لدى سلطان هذه المحكمة مولانا القاضي .
لكن في المقابل وحسب متابعتنا لهذه القضية حيث اكتشفنا بأن محامي الاتهام لشركة كوفتي الاستاذ احمد خليل الذي كان عضو في اللجنة القانونية للجنة إزالة التمكين واسترداد الاموال المنهوبة التي تم تجميد نشاطها عقب قرارات ال٢٥ من اكتوبر الماضي والتي أودع بعض اعضائها قيد الاعتقال مثل وجدي صالح وافرج عنه لاحقا وهنالك بعض اعضاءها طالتهم يد العدالة بعد تم اتهامهم بالفساد المالي والاخلاقي .. وتحديدا الاستاذ احمد خليل يقال انه مسؤل من ملف الشركات !! وأعتقد كان من الأوجب على محامي الدفاع الدكتور عادل عبدالغني ان يعترض على أن لا يكون أحمد خليل جزء من هذه المحاكمة وخاصة بأن لجنتهم هذه أي إزالة التمكين كانت تصدر القرارات وتنفذها اي هي القاضي والجلاد . ولكن يبدو عبدالغني واثق في قضيته وعدالته لذلك لم يهتم بهذا الجانب .. أليس من أوجب واجبات احمد خليل أن يبعد نفسه من دائرة الشبهات وهو يدافع عن مصالح شركات متهمة بتخريب الاقتصاد ؟! على أي حال من ظن بأن هذه القضية تنتهي باسدال الستار عليها بمجرد النطق بالحكم فيها تكون نظرته قاصرة .. بل ثورة عدالة الاضابير ستبدأ يا داااااب .. أمسكوا الخشب .. !!