X

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. ” فزع الحروف ” .. ألا يتعظ السودان ومصر !!

طالعت بالأمس مقالا مهما للاستاذة الخبيرة في الشئون الافريقية والشئون السودانية على وجه الخصوص المصرية الدكتورة اماني الطويل ، على إثر تداعيات الحرب الروسية على اوكرانيا ، تناولت فيه صراع الدول العظمى حول افريقيا وقدمت فيه معلومات دقيقة وليس تحليلا حول تمدد الدب الروسي في منطقتنا عبر شركة ” فاغنر ” ، لكنها كانت أي الدكتورة اماني كالطبيب الذي يحدد مدى انتشار السرطان في الجسد لكنه يقف عاجزا عن تقديم وصفة علاج ، والآن نحن نقف متفرجين كاننا منتظرين قدرنا وليس لنا شئ نقدمه .. بل كأن الآخرين يدركون أهميتنا أكثر منا .. لكن إذا نظرنا بعين العقل هل قوة تلك الدول تكمن في السلاح الحديث والتدريب المتقدم للجيوش فقط ؟ ، بالتأكيد لا وألف لا .

دول حلف النيتو تعتمد على وحدتها اولا والتنسيق الدقيق في مواقفها حيث تجد “١٨ ” دولة اوربية زائدا امريكا وحلفائها في العالم تقف في مواجهة الدب الروسي وسلاحهم الأبرز هو الاقتصاد لعزل روسيا اقتصاديا وتوفير الدعم لاوكرانيا ، بالطبع اوكرانيا تمثل العمق الامني للجانبين دول الاتحاد الاوربي وكذلك الروس وما بينهما المصالح الامريكية .. وايضا روسيا لاتقف وحدها بل استدعت حلفاءها مثل بلا روسيا وكوريا وغيرها ومربط الفرس وما يؤكد بأن هذا الصراع استراتيجي هو أن تلتفت روسيا للسودان وهي في هذا الظرف الدقيق والحساس ، وهذا يؤكد بأن انتصار روسيا يعني ضرب مصالح امريكا في المنطقة وبالتالي تصبح روسيا هي القطب الاحادي الذي يحكم العالم ، أو انتصار دول حلف النيتو وبالتالي الابقاء على الزعامة الامريكية على العالم وبالتالي تحقق امريكا وعيدها ، أي دولة ساندت روسيا ستأخذ ” علقة ” .
والسؤال الذي يفرض نفسه هل نحن سنظل متفرجين وننتظر الحظ ؟ ونحن هنا ليس المقصود بها السودان فقط بل دول المنطقة وتحديدا السودان ومصر ذوات المصير المشترك مهما تباينت الرؤى أمن مصر من أمن السودان وكذلك العكس وهو يبرز التناول السطحي للعلاقة بين مصر والسودان وخاصة في وسائل الاعلام وهذا ما حذرنا منه مرارا وتكرارا بأن الهدف من بث الشائعات باستخدام مواضيع هايفة مقارنة بالاهداف الاستراتيجية مثل ما يقال حول تهريب السلع او الاساءات المتبادلة بين الشعبين في وسائل التواصل الاجتماعي والبعث برسائل سالبة بأن مصر تستخف بالسودان كل ذلك الهدف منه جرنا من مسار العلاقة الحقيقية التي حان الآن وقت حوجتنا لها بل الأصح كل دول المنطقة في حوجة لها . كما احتاجت ثمانية عشر دولة اوربية وحلفاءها تقف مع بعض . الا تعتقدون كل هذه الدول ليس بينها حساسيات وتعالي بعض شعوبها على بعضها البعض ، كل ذلك موجود لكن قياداتها وسياساتها الراسخة ووعي اعلامها يسمو بها فوق الصغائر ..
بالطبع ما زال السؤال قائما لمن يقول لي ماذا تريدنا ان نفعل وقبل أن نجيب على هذا السؤال يجب ان نجيب على السؤال الاهم لماذا اهتمت روسيا بالسودان في هذا الظرف الدقيق والاجابة بكل بساطة السودان يملك الموقع الاستراتيجي ويملك الغذاء ويملك الرجال حتى اذا ما احتاجت روسيا على الاقل استخدامهم لمصالحها في دول المنطقة مثال ذلك ” قواتنا التي تقاتل في حرب اليمن ” على الاقل سحبهم يخدم حلفاء روسيا بالتاكيد السودان له موقف في المجتمع الدولي وهو دولة مكتملة العضوية وتصويته في الجمعية العمومية له أثر مهما استهان به ، والدليل على ذلك بالامس اجتمع كل سفراء الاتحاد الاوربي بوزير الخارجية السوداني المكلف وطلبوا منه إدانة الغزو الروسي لاوكرانيا بوضوح والتصويت في الجمعية العمومية للامم المتحدة ضد روسيا .. وهنا برزت المشكلة الكبيرة في السودان وهي غياب مؤسسات الدولة والرؤية الاستراتيجية لقيادة الدولة .. فهل الحكومة السودانية على قلب رجل واحد مع موقف نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو ” حميدتي ” المؤيد للموقف الروسي بكلياته ؟ ام بقية مجلس السيادة ورئيسه ومجلس الوزراء لهم رأي آخر بالتأكيد ليس هنالك مجال للعب بين ” حبلين ” ومن الغباء اذا فكرنا بان يكون لنا موقفين مختلفين ” اللي يلعب يكسب ” لا ابدا الان من موقف واضح ليس هنالك منطقة وسطى أما ابيض أو اسود .. لكن دعونا نرجع للسؤال الاول الذي طرحناه ما هو المطلوب في مثل هذا الظرف من مصر والسودان .. بكل بساطة يجب ان نعي الدرس ونؤمن ايمان تام بان العلاقة بين الدولتين استراتيجية واعطاءها حجمها الحقيقي وعليه يكون التنسيق التام بين الحكومتين في مواجهة التغيرات الدولية ،،، وعلى مصر تحديدا ان تعلب دور واضح في أن يخرج السودان من حالة اللا حكومة ولا اقول لا دولة لان السودان فعلا دولة راسخة ولها مكامن قوتها مهما ضعفت حكوماتها .. وعلى المؤسسة العسكرية والقوى السياسية الوطنية في السودان ان يستشعروا الخطر المحدق ليس بوطننا فقط بل بمنطقتنا ككل وعليه يجب أن يتجاوز التفكير طموح الاشخاص الى مصالح الدولة .. وعليه يجب ان يكون للسودان حكومة مكتملة المؤسسات باعجل ما يكون وفي امكان مصر تعقد مائدة مستدير باسرع ما يمكن واحاطة الجميع بالخطر المحدق وإلا تصبح دولنا مسرح للعب الكبار .. ايضا للاعلام دور مهم في الدولتين يجب ان تكون له رسالة بناءة .. ولا ينسى الجميع غير الازمات السياسية هنالك ازمة اقتصادية محدقة بجميع دول العالم وخاصة في ما يتعلق بالغذاء ، روسيا المصدر الاول للقمح واوكرانيا الدولة الرابعة والان الموانئ مغلقة كل هذه العوامل محتاجة تضافر الجهود فهل تتعظ مصر والسودان ؟! .