X

محمد أحمد الدويخ يكتب : قامات وأقلام.. وردي والتجاني سعيد مثالا.. إلى حسن رحوم (منتدى أم روابة الثقافي )

مدخل ودهشة :
مطلع العام ٢٠١٢.م أهداني الكاتب الصحفي والباحث المؤلف فكري أبوالقاسم نسخة اكرامية من كتابه المهم

(وردي الورود والأشواك)..

اللافت للنظر في الكتاب أن فكرته ترتكز على ذائقة وردي في اختيار النصوص الباذخة إلى جانب عبقريته الفطرية للألحان بما يشبه خرير المياه وأصوات الطبيعة وزخات المطر ..إضافة الى البعد الصوفي المتجذر في احساسه السوداني الأليف للناس والأمكنة ..حيث أورد المؤلف فكري أبوالقاسم مجرد مقطع واحد من خمس كلمات فقط من رائعة الشاعر والدبلوماسي صلاح أحمد إبراهيم :
كان تعب منك جناح..
في السرعة زيد ..
*أسهب* فيها المؤلف وطاف خلجات روحية وبحار صوفية وأودية يتوه فيها أمهر درويش احضرة ..مبيناً الأبعاد الصوفية وفلسفة المنصورة على نظرية ومبدأ (ذكر الله) والاكثار فيه كل ما احس العابد بالتعب او وسوسة تغريه بالنوم والرفاهية والانبطاح على نعيم الدنيا الزائل..
*مدخل ثان :*
(لو عارفك لسة في المدرسة ما كان غنيت ليك..)
*هكذا* يخاطب الفنان القامة محمد وردي الفتى ..وهو يحاول إخفاء دهشته بصغر سن الشاعر التجاني سعيد يومها _عندما قدم للامبراطور وردي الذي عرف بانفته وصرامته في التعمل مع النصوص والشعراء ..ولكن ما العمل وقد تفجرت من عبقرية التجاني سعيد روائع الكلم (من غير ميعاد) وضاع شذاها بفضل :
الطيوب الحلوة ..والجيد الرقيق ..
والخصل اللي نامت..فوق تسابيح البريق..يا سلام ..!
يقول التجاني سعيد :
لا يتسع العمر الا لتجربة واحدة أو تجربتين اذا كان الوقت كريما .. *بذلك* يلخص التجاني سعيد الفيلسوف والناقص والقارئ والكاتب والشاعر يلخص تجربته بما يعتبره تفسيرا لاوالله في كتابة الشعر ..غير أن أغنيتي (من غير ميعاد و(أرحل) تقولان كل شئ ..فما بين :
(صحيتي في نفسي الوجود..رجعتي لي عيوني النهار)..و بين (بدون عينيك بصبح زول بدون ذكرى..وبدون ميلاد..)
ضاع الكلام يا سادتي..ضاع الكلام مرتين ..
في (من غير ميعاد) :
ضاع الكلام ..ماتت حروف اللقيا قبال اهمسا..)
وهناك في (أرحل) عندما شبه عينيها :
زي كلمات بتتأوه ..لمن يجي الميعاد ..
*يا الله* ما أروع أن تتحسسك المعاني والمضامين البهية..
………….
*حسن رحوم*..الشاعر الناثر..
كما أطل التجاني سعيد كما القمر فجأة في ليل وردي الطروب..أطل الكاتب المجيد والشاعر الناثر حسن رحوم على فضاء منتدى ام روابة الثقافي عبر مقالاته الباذخة عميقة الفكرة في سلاسة ومتعة سرد دون تقعيد ..خاصة مدخل الموضوع ، بما يلزم القارئ المطالبة بالمزيد من الكتابة كما فعل وردي مع التجاني سعيد في إلحاح مطالبا بتؤام لرائعته (من غير ميعاد) حتى اتته (أرحل) تسوق خطاها من منفى لي منفى..
…………
الشاعر والباحث والناقد التجاني سعيد
*حسن رحوم*
قذف به الحراك الثقافي في سبعينات القرن الماضي أيقونة شعرية غنائية فأعتلي بروائع مفردته مقعدة في ظل زخم شهدت تلك السنوات وبروز أصوات اخري غنائية واقلام شعرية محدثين نقلة في خارطة الغناء ساعدهم في ذلك الانتقال من الموهبة التي صبغت الساحة قبلها ألي رحاب العلم بتخريج عدد مقدر من خريجي معهد الموسيقي والمسرح وأصبحت للحياة لون وطعم ورائحة.
*برزت* موهبته ابان دراسته بالمرحلة الثانوية فرفد الساحة الغنائية بأهم قصيدتين كانتا من نصيب المرحوم وردي كانتا طفرة في الكلمة والفكرة واسرعتا بوتيرة الغناء الي رحاب الرمزية والحبيبة الوطن
١. قلت أرحل
٢. من غير ميعاد
التحق بجامعة القاهرة الفرع كلية الآداب قسم الفلسفة وهنا وجد ذاته المملوءة بالنزعة الصوفية إلتي دفعته به للغوص في الدراسات السودانية وتناول الكثير من القضايا بمنظور الباحث الناقد تحليلا ونقدا فكان ومضة في كل المنتديات طارحا رؤيته للحياة وللشخصية السودانية كاشفا وداعما لايجابياتها وناقدا لسلبياتها هادفا للإصلاح وهو من القلائل الذين تناولوا المسكوت عنه باعتباره اس وحائط صد لأي نهضة ثقافية وقد شهدت له الكثير من الملاحق الثقافية بالصحف بالريادة وتلك المساجلات الفكرية التي أثرت ساحة الجمعيات الفلسفية بالجامعات والمراكز الثقافية.
*قرر* حياة التأمل وقراءة الساحة من موقع المشاهدة والمتابعة وقد وجد تخصصه الفلسفي ونزعته الصوفية وروحه الشفافة ملاذا للبعد قل فيها إنتاجه ومساهماته وقد حاول الكثيرون من أصدقائه اخراجه من محرابه دون جدوي احتراما لقناعاته وأصبح منزله قبلة للمهتمين بالشأن الثقافي وطلاب الجامعات والدراسات العليا للنهل من مكتبته الضخمة التي تضم أمهات الكتب والجلوس معه في حوارات عميقة. ينفلت منها احيانا وفي أوقات متباعدة لرفد الساحة ببعض المساهمات التي يتلقفها الباحثون والمهتمون بكثير من الأعجاب لما تتميز به من تفرد وعمق.
*صدر* له ديوان شعر بأسم (قصائد برمائية) لم تعاد طبعته بعد نفاذ الطبعة الأولي يتتبع مسيرته الشعرية ونظرته الفكرية لما يحيط به وظني أن رقة شعوره وسماحة روحه هي التي دفعت به للابتعاد عن المشهد الثقافي الا قليلا مكتفيا بتناول مواضيع يجهلها الكثير من النقاد كرؤوس مواضيع تحدث الكثير من الحراك ويلقي في بركتها الساكنة حجرا يحرك الكثير من الفقاعات لتلمس تاريخنا السياسي والثقافي والاجتماعي في زمن استحسن فيه البعض الرداءة لزيادة مساحة القبح كأحد الاستراتيجيات للتحكم في الشعوب كما قيل قناعة منهم وهي حق ان الحراك والفعل الثقافي قادر علي أحداث التغيير علي المستويين الفردي والجماعي.
*تلك* اضاءة عن ذلك الهرم الذي فقدته الساحة لما يتمتع به من عمق فكري وأراء جرئية في ثوب لطيف وأنسانية تجاوزت الكثير من المضبات ارتماءا في حضن الوطن الحلم وتأمل الصوفي الغارق في تساؤلاته. متعه الله بالصحة والعافية وعاد فارسا في ميدان يهابه البعض وما أحوجنا لأمثاله في ظل تغييرات هائلة يشهدها المجتمع السوداني دون الأمساك بخيوط النجاة المخبوءة في رحم الغيب. للاقدار حكمة في انها تقيض في زمان ومكان ما من يخترق الحواجز لينشل المجتمعات من وهدتها ورأس الرمح في ذلك تلك العقول والأفكار التي تغتسل بطهر الثقافة ..
قرأت له قبل سنوات في ملحق جريدة الأيام الثقافي في احد دراساته النقدية ان الأديب المصري نجيب محفوظ وفي أحدي حواراته أفاد بأن اسلوب السرد وتقمص شخصيات الحواري وقاع المدن قد التقطها في بداية مشواره القصصي من مجموعة (مختارات الصائغ) وتتكون من ثلاثة أجزاء لكاتب سوداني اسمه عوض الكريم الهندي ويطلق عليه عوض الكريم الصائغ كتبها في بدايات النصف الأول من القرن الماضي وهو اخ بشير الأحمدي من الوالدة ومن منطقة بربر وعاش حياته بعد الغزو الأنجليزي المصري بأمدرمان. كان هدف فكرته من الدراسة النقدية علي اننا شعب له مساهمات وريادة لكن حياة التواضع هي التي اضرت وجعلتنا علي هامش الفعل الثقافي في المحيط العربي والافريقي والعالمي.