X

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. ” فزع الحروف ” .. أسماء الحسيني ” من عندنا ” !

أهلنا في شمال السودان قبائل الدناقلة ، المحس والحلفاوين عندما يشيرون الى شخص ما فيقولون ” فلان من عندنا ” حينها تأكد بأن فلان هذا شخص مميز وصاحب عطاء ثر وبالتأكيد انه متفوق في مجاله ، ومن المعروف بأن القبائل النوبية من اهل السودان هم أهل ثقافة وعلم وذكاء فطري ولذلك برز منهم نجوم في شتى المجالات فيقولون محمد وردي من عندنا السفير طه ايوب من عندنا جمال محمد أحمد من عندنا والقائمة تطول .
اما اهلنا في وسط السودان واجزاءه الأخرى فيقولون ” فلان زولنا وفلانة زولتنا ” وهنا في الغالب تستخدم بأن فلان او فلانة محل ثقتنا وبالتأكيد في الوصفيين بأن من يطلق عليه احد الوصفين اعلاهما يصلح بان هذا الشخص يحمل ملامحنا ويعبر عنا ويمكن ان تعتمد عليه في اوقات الشدة والرخاء وغير ذلك من مواقف ..
كما يتابع العالم كله بأن شعب السودان يمر بظرف دقيق للغاية ووضع إستثنائي لم يمر به عبر تاريخه الطويل .. وهذا الظرف فيه تحميص شديد لابناء السودان خاصة ولأصدقاء الشعب السوداني وجيرانه على وجه التحديد ، وبالتأكيد هذا الوضع سينجلي مهما كان حجم الخسائر وتبقى المواقف والشواهد التي يسجلها التاريخ .. هنا يحضرني مواقف واحدة من بنات شمال الوادي الشقيقة مصر الخبيرة في الشئون الافريقية وشئون السودان والإعلامية الدكتورة أسماء الحسيني للحقيقة والتاريخ لم ألتقها في حياتي إلا من خلال عطاءها الثر ومتابعة ما تقدمه ، وخاصة في ازمتنا الراهنة ومن خلال إطلالتها عبر القنوات الفضائية ، اسماء الحسيني تبدو كواحدة من بنات السودان تماما انها تحمل هم هذا البلد وشعبه نعم تقدم قراءتها للواقع من خلال المعطيات المتوفرة والمؤشرات المبزولة في الواقع السوداني ، فهي بذلك ترسم صورة تحليلية لما ستؤول له الاوضاع مهما كانت درجة قسوتها إلا انها كمشرط الطبيب على الجرح فمن يريد الشفاء يجب ان يحتمل آلام الدواء ، والمتابع لأداء الحسيني يجد انها تتحدث عن معرفة دقيقة بما يجري داخل البلاد ليس في ما يتعلق بالاحداث الجارية فحسب بل انها ممسكة بتلابيب الثقافة السودانية في شتى مجالاتها السياسية ، الثقافية والاجتماعية ” راجع حوارها مع الشيخ عبدالرحيم البرعي ” له الرحمة تجدها مهتمة حتى بالمفردات في المدح الصوفي والفئات التي تشكل المجتمع السوداني وعاداتهم وثقافاتهم ..
المتابع للدكتورة اسماء يجدها من خلال قراءتها لما يعيشه السودان من اوضاع هشة لكنها لم تقلل من قيمة هذه البلاد ولا قوة تاثيرها في المنطقة .. ما دعاني للتطرق لهذا الموضوع بأن هنالك الاصوات النشاذ التي تتهمها بانها تخدم أجندة جهات محددة واعتقد هؤلاء لديهم قصر نظر فمن ” العبط ” بإنك تتهم إنسان بان له اجندة تخدم بلده بهذا كانك تتهم إنسان بأنه يحب والديه .. لكن طبعا من المعلوم هنالك فئة تحب التشويش على الحقائق فيطلقون الكلام على عواهنه وهؤلاء تعميمهم اجندهم الخاصة ولتحقيق مآرب ضيقة جدا .. لكن في الواقع الحسيني تقدم قراءتها بناءا على واقع ومعلومات تحتمل الصاح وتحتمل الخطأ وفي ذات الوقت يمكن ان يستفيد منها كل من يهمه الأمر سواء في الجانب السوداني او المصري .. لكن ما يميز الدكتورة أسماء أنها مؤمنة ايمان قاطع بأن العلاقة بين السودان ومصر ليس علاقة إختيارية فإنها علاقة من ثوابت الكون مثل البحار والجبال والسموات والارض ، احيانا تهتز لعوامل مناخية وتمر بكل فصول السنة صيف خريف شتاء ربيع ، طبعا العزر كل العزر للذين يتمنون أن يطول ربيع العلاقة بين مصر والسودان وهؤلاء ينتقدون بحب وإشفاق عكس الذين يثيرون الزوابع الرعدية فهؤلاء مهما اثاروا من اصوات مزعجة وحتى لو اهتزت الارض من افعالهم ” سوف تصفو الليالي بعد كدرتها وكل دور إذا ما تم ينقلبوا ” فلا تخسر بابا تحتاج الخروج به .. الذين عاثوا فسادا في العلاقة بين السودان ومصر ثلاثة عقود عندما درات عليهم الأيام لجأوا إليها .. فقلب الأم حنين مهما فعلت فيه في الآخر سيحتضنك من الافضل البر به .. أسماء الحسيني ” من عندنا وزولتنا “!