X

اعتدال احمد الهادي .. تكتب .. عن رحيل والدها ..في الليلة الظلماء يفتقد البدر …. أبي ..

 

 

 

 

كل فتاة بابيها معجبة وكل أب بابنته فخور هم ثريات فى السماء ونحن فى فلكهم نجول، من الصعب ان تكتب عن عزيز لديك أخذته يد المنون الأحرف شلت تماما وتاهت عني الكلم… وتهت عن نفسي وعن قلمي.
طافت ذكريات فى مخيلتي منذ النشأة الاولي وانا فى كنف والد حنون معنا وفعلا لا تدركه الظنون هو اول رجل بحياتي احببته بكل مافى ثنايا الحياة اعطاني اسمه ليظل معي حتى الممات انا ابنة رجل عرك اللغة وجال فى اطياف السودان معلما راسخا كالجبال منهلا عذبا لحروف ثمان وعشرون انا ابنة رجل من نعيم اشتق اسمه من الحمد فكان اسمه على سيد المرسلين انا ابنة رجل كتب امير الشعراء فى مدح مهنته
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا

بنى فى حياتنا قيما ومعاني من القران حديثا وفقها وارشادا وعملا ومثلما انتهج منهج النبوة فى التعليم فى إنارة العقول ظل اثر السنة فى حياته حتي بعد خروجه من التعليم أخذته سنة الرسول عليه اتم الصلاة والتسليم مؤخرا ليكون راعيا لغنيمات يطلها صباحا ومساء كنا لاندري لماذا اتجه لهذا لكننا استدركناه حين فقدناه فهو يطبق السنة فى حياته قولا وعملا يشغله امر الناس ويهتم لقضايهم ويفتح داره ولا يقفل بابه ولايصد طلابه ولا يعرف للجارح لسانه
دفعني لطلب العلم والترقي فى مقاماته التي لا تنتهي حينما تخرجت من الجامعة والتي كانت نادرة فى بنات جيلنا من القبيلة والاجيال التي من قبلنا حيث ظلت ثقافة الزواج المبكر هي العنوان الأبرز للمنطقة لكن ذاك المعلم الذي عمل على التربية قبل التعليم كانت له نظرة اخري فى تعليمنا و لم يخذله ابدا يباهي بنا فى مجالسه علمنا فوق التعليم الجامعي مقتديا بحديث رسولنا الكريم من عال ثلاثة بنات ادبهن وعلمهن وزوجهن دخل الجنة اسأل الله له الجنة.

رسالة المعلم لم تكن فى نظرته طباشيرة وسوط وجرس انما كانت ارض جدباء يحولها الي حديقة غناء تتجمع فيها ازاهير الرياض وتغرس فيك حب العلم والانتماء ولا اخفي سرا ان حب الوطن والسودان تعلمته منه ليس كوالد انما كمعلم شاءت الاقدار ان يتنقل فى ربوع السودان معلما و مرشدا وغارسا لخصال جمة فكان يبدأ حديثه عن ثروات البلاد فى اجيال هي الرائدة التي تقود دفة الوطن من التعليم وازالة ظلامات الجهل فجل تنقلاته كانت فى مناطق لا تؤمن بتعليم النساء بحسن معشره وطيب خلقه وكارزما قيادته التعليمة غير مفاهيم شتى كيف لا وهو سليل ود زايد صاحب قدح السرتيك الذي يكفي قبيلة ووالدي كفى اجيالا كساها بحروف العربية التي لا يضاهيه فيها احد بشهادة من عاصروه فشهادتي فيه مجروحة .
ومن علامات الصبر على فراقه ان تفقد هذا الجبل الراكز وانت تستحضر كريم خصاله وذكرياته التي سردها طلابه واحبابه وأهله طيلة ايام العزاء تباروا الى الاحاديث آخر بعد آخر معددين بالدمع الثخين مآثره التي عجز قلمي عن سردها.
اللهم ارحم والدي واسكنه فسيح جناتك واكتب له حسنات عدد طلابه وادخله فردوسك الاعلى مع النبيين والصدقين والشهداء
اللهم ارحم والدي الذي جاء انتقاله فى شهر خصه الله برحمته فى أوله وزاد من فضله فى منتصفه بمغفرته وانتقل والدي فى ايام العتق اللهم اعتق رقبته من النار والزمنا الصبر على اختيارك له فانت قلت رمضان لي وانا اجز به.