X

الجميل الفاضل .. يكتب .. ” ثم لا ” .. الإنقلاب بين”الكابيتول” و”البيت الأبيض” !

كبيرا الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي “جيم ريش” و “بوب مينيندز” اتبعا قرار مجلس الشيوخ الذي صدر الاربعاء الماضي ضد انقلاب البرهان ببيان تحذيري حاد اللهجة وضعاه في بريد الجنرالات “قادة الانقلاب” ، ومشايعيهم المدنيين.
ومن اللافت ان بيان السناتورين الكبيرين حث إدارة بايدن على عدم قبول استمرار جنرالات الانقلاب في حكم البلاد، مع دعوة الإدارة للعمل المباشر مع الشعب من أجل استعادة مسار الانتقال الديمقراطي الذي يقوده المدنيون.
واعتبر ريش ومينيندز وفق البيان ان الوقت قد حان لاتخاذ الولايات المتحدة وشركائها إجراءات سريعة تدعم تطلعات ملايين السودانيين التواقين لحكم ديمقراطي.. الذين وصفهم البيان بالشجعان.
بيد ان سؤالا منطقيا ينشأ مباشرة في الذهن عن مدى جدية الإدارة الديمقراطية الحالية في الالتزام بقرار الكونغرس غير الملزم قانونا؟ فقد ظلت إدارة بايدن تتجنب لأكثر من نصف عام وصف ما جري في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي بأنه انقلاب.
إذ ينطوي بيان السناتورين على رفض لقبول واشنطن استمرار الجنرالات في الحكم الي اليوم.. في إشارة ضمنية تشي بان الإدارة في نظر الكونغرس لم تقم الي الان على الاقل بما يكفي لانهاء استمرار الانقلاب الذي دخل شهره السابع.
فضلا عن أن البيان يقدر ان إدارة بايدن لم تفعل ما يجب من عمل مباشر مع الشعب لاستعادة مسار الانتقال لايدي المدنيين.
لكن هل يكفي قرار مجلس الشيوخ الامريكي بادانة الانقلاب العسكري في السودان، لتوفير ‎دعم يحقق تطلعات هذا الشعب.
بل ورغم ان قرار مجلس الشيوخ أقر باجماع كل الاعضاء وبتصويت سريع من دون اعتراض لاي عضو.
الا ان سؤالا يلح على الاذهان.. هل من قبيل الصدفة.. إن هؤلاء الجنرالات قد انخرطوا فور انقلابهم بجراة وجدية في إعادة وجوه نظام البشير الإخواني الي مواقعهم السابقة في السلطة؟ وبالتالي ينشأ عن السؤال الاول سؤال آخر يقول: هل باستطاعة مثل هؤلاء الجنرالات التوقف الان عن كل هذه المحاولات التي جرت لتغيير التركيبة المدنية للحكومة، والمجلس السيادي، والمؤسسات الحكومية الأخرى؟.
رغم ان قرار الكونغرس أجاز تطبيق عقوبات فردية على الأشخاص داعيا الخارجية الامريكية الى تحديد أسماء ”قادة الانقلاب والمتعاونين معهم“ توطئة لوضعها موضع التنفيذ بالتنسيق مع الوكالة الاميركية للتنمية الدولية التي ستوقف كل المساعدات غير الانسانية الى السودان حتى عودة النظام الدستوري الانتقالي، وربما باشراك جهات تنفيذية أمريكية أخرى ذات صلة.
بل أتصور ان من انجع
الوسا‏ئل التي لوح بها القرار لانهاء حالة الانقلاب هو التشديد على ضرورة حث حلفاء الولايات المتحدة ودول الترويكا على الانضمام إلى واشنطن في فرض هذه العقوبات الفردية على جنرالات الانقلاب وشركائهم، اضافة الى تعليق مشاركة ‎السودان في كل المنظمات في المنطقة حتى عودة العملية الانتقالية.
المهم لا يعرف الي الان على الاقل الي اي مدى استفادت الولايات المتحدة من عظات تجاربها السابقة في التعامل مع الأوضاع في السودان.
ويشير تاريخ العلاقة الي ان تقديرات الولايات المتحدة قد جانبها الصواب في أكثر من منعطف وموقف مر به السودان.
وعلى سبيل المثال.. فقد ارسل السفير الأمريكي بالخرطوم وليم ام رونتري الي خارجية بلاده في العام (٦٤) أغرب برقيتين اثارتا الحيرة والأرباك لدي واشنطن.. في الأولى وقبل يومين فقط من اندلاع ثورة أكتوبر.. أكدت برقية ارسلتها السفارة ان نظام الفريق ابراهيم عبود، نظام قوي ومستقر وبامكانه البقاء والاستمرار في الحكم.
وفي البرقية الثانية بتاريخ ١٥ نوفمبر ١٩٦٤ جاء عنوانها كالاتي :
نهاية عهد الفريق عبود
يقول نص البرقية:
” امس انتهى رسميا حكم عسكري استمر ست سنوات في السودان باستقالة الفريق ابراهيم عبود الذي كان قد قاد انقلابا في العام ١٩٥٨ ضد حكومة ديمقراطية”.
لترسل الخارجية الأمريكية التي الجمتها الحيرة برقية الي السفير تسأل : اي البرقيتين اللتين أرسلتهما سفارته صحيح؟
ليرد السفير على برقية خارجيته برد لابد انه قد زادها حيرة على حيرتها قائلا: كلا البرقيتين صحيح.
صحيح فقط.. لان ما حدث حدث في السودان ذلك البلد متقلب الأطوار. الذي يصعب عند كل منعرج ادراك او تصور على اي شقيه يمكن ان ينقلب.. لخصائص تتصل بجينات شعبه الوراثية، وبجذور تكوينه الأولي.
فشعبه ظل شعبا “صعب المراس” يصعب التنبوء بتصرفاته على مدى التاريخ.

حالتي
اشهد الا انتماء الان
الا انني في الآن لا