X

حيدر الفكي .. يكتب .. ” حتى الآن ” .. رحلة التيه !

منذ أن بدأ ألإنقلابيين رحلتهم المشؤمة يوم 25 أكتوبر بعد أن إنقلبوا على خيار مدنية الدولة دخل الوطن دائرة الخراب والدمار الشامل أكثر مما كان عليه وقاد الإنقلابيين سفينتهم المعطوبة الى عالم المجهول حيث انهم هم انفسهم لايعرفون الى اي وجهة يسيرون ولاتعرف بوصلتهم الى اي وجهة تصوب عقارب الإتجاه وضلوا الطريق منذ البداية !!! ولعمري هذه سابقة لم يسبقهم عليها احد في قديم الزمان وسالف العصر والأوان لأن التوهان يكون في مراحل لاحقة وليس منذ إعلان البيان كما هتف لهم صاحب الهتاف الفطير المشهور إبان إعتصام الموز الرخو (الليلة ما بنرجع إلا البيان يطلع) ثم طلع البيان واصبحتم في حيرة من امركم وانتبهتم ماذا بعد البيان لأن كل من شايعكم في تلك المرحلة هم من قبيل المتردية والنطيحة وأنتم تدركون ذلك وانهم لا يمتلكون كارزيما قيادة ولا فكر إدارة الدولة وإن دورهم انتهى كأبواق في مرحلة الدعاية الرخيصة وأنتم ليس لكم سند ولا حاضنة سياسية !!! ولكن حسبتم ان الحل سيكون من خلال دكتور حمدوك المرتهن ضمن الإقامة الجبرية أو الإعتقال على وجه الدقة وما تعرض له من ضغط نفسي فوق الإحتمال فكان هذا هو الكرت المحروق منذ إخراجه ثم قدم إستقالته الى الشعب وليس اليكم بعد أن تأكد من ضلال الغافلة التائهة حيث لا قيادة ولا زاد .. ومن هنا بدأ شلال الدماء وسط الشباب وغابت الحكومة وشاهت الوجوه وأصبحت البلد بقيادتين البرهان وحميدتي وعدد من الجيوش القوات المسلحة والدعم السريع والحركات المسلحة تجمعهم المصالح المشتركة في انهم هم المجرمين المسؤولين عن الدماء والخراب ولذلك يظهروا بمظهر التحالف خوفاََ على رقابهم كما ذكرها حميدتي صراحة بأنهم لايمكن أن يذهبوا الى ثكناتهم وهناك من يسن لهم السكين .. اذاََ هم يعلمون علم اليقين أنهم يجلسون على عرش تجري من تحته انهار الدماء وهذا هو الهاجس الذي يوحدهم مرحلياََ خوفاََ وتكتيكاََ ولكنهم قلوبهم شتى وكل يعمل الف حساب للآخر لأن أخلاق الخائن دوماََ تتبع هواجس الظن والتشكيك وكل يقبل الآخر على مضض لضرورة المرحلة .. ثم تلحق بهم حركات التمرد والتي اتت بموجب انفاق سلام جوبا هذا الإتفاق الكارثي حيث لم تحلِّق يومها حمامات السلام بل حلِّق طائر الشؤم واسراب البوم فكانت الفاجعة حيث استباحت تلك الحركات الخرطوم بأرتالها وعتادها في اغرب إتفاق يسمى بالترتيبات الأمنية حيث سمحت لجحافل المغول ان تعيث خراباََ وفساداََ وتهتك الأمن والسلام الاجتماعي ويا للمفارقة كل هذا بإسم السلام !!! هذه الحركات التي قضت عقوداََ من الزمان لا تحلم حتى بمجرد رؤية الخرطوم وحيث أنهم تبنوا قضية طالما هى حق اريد به باطل فهم يتسلقون على أكتاف اهلهم بقضايا التهميش وحقوقهم وعلى اكتاف الثوار بعد أن مهدوا لهم الطريق .. فهم لم يدخلوا الخرطوم ويحظوا بإتفاق جوبا إلا بعد إنتصار ثورة الشباب بعد أن فقدوا فيها الغالي والنفيس وسالت دماء الشهداء على الأرض وعلى صفحة النيل .. بعد كل هذه التضحيات يأتي هؤلاء كما الطفيليات تتغذي على بقايا فضلات السباع .. ثم بعد ذلك ينسجموا في تفاصيل مصالحهم الذاتية وينسوا محور قضيتهم لأهلهم في الهامش حسب وصفهم ويتضح بما لا يدع مجالا للشك بأنها هي كانت مجرد معبراََ للوصول وليس لها علاقة بالقضية أو يحزنون .. وعليه لم تستفيد الثورة منهم بل كانوا خصماََ عليها ولم يستفيد اهلهم منهم بل كانت تجارة عبر إستعمال السلاح واليوم يحصدون ربحها من غير اي التفات لقضيتهم المزعومة .. ولذلك كان طبيعي ان ينضموا الى معسكر التيه في رحلتهم ويكونوا لهم سندا وعونا وفقا لتقاطع المصالح وتلاقيها ..
ادرك ألإنقلابيين المأزق التاريخي وأن ظهرهم مكشوف إلا من بعض المرتزقين والمنتفعين وهم قلة واجبن ما يكونوا عند اللقاء ولذلك اتجهوا صوب الإسلاميبن اصحاب الفردوس المفقود ومغازلتهم بإستعادة اموالهم وممتلكاتهم التي حجزتها لجنة ازالة التمكين مقابل الدعم والسند لأنهم يعلموا بأنهم على وشك الإنهيار أو أنهم في مرحلة الانهيار الحقيقي ولكنهم ضلوا الطريق أيضاََ لأن الإسلاميين ليس لهم ما يقدمونه في ظل الرفض الشعبي العارم لمجرد ذكرهم ناهيك من ظهورهم في المشهد السياسي من جديد اضف الى ذلك تشظي الإسلاميين واختلافهم الذي انتقل الى العلن .. ومع العلم ان الإسلاميين لايمكن أن يكونوا سنداََ لغافلة تائهة فهم لهم تجربة مريرة مع الفشل ولا يمكن أن يكرروها ولكن يقبلون العرض بما يضمن لهم بعض المكتسبات ومنها اموال السحت التي تمت سرقتها عبر ثلاثة عقود ثم يتركوهم في صحراء التيه .. ورغماََ عن كل ما يستوجبه العقل والمنطق من عدم جدوى كل حراكهم الوهمي يظل ينطبق عليهم المثل الشعبي (الغريق يتعلق بقشة) وما زال البرهان وحميدتي يقودون غافلة التيه والوطن يئن ويرزخ تحت وطاة الفقر والجوع والإنفلات الأمني وتردي غير مسبوق في كل القطاعات الحيوية والحياتية واصبح الحال لايطاق وإنعدم الأمن والأمان وغابت اي ملامح ولو بالحد الأدنى للدولة واصبح المواطنون يشكِّلوا مجموعات لحراسة الاحياء ويتعاملون معها خارج نطاق القانون .. البلد أصبحت مستباحة وأكبر مستنقع للجريمة ولكل انواع الفوضى وضاعت كل مكتسبات العون الدولي واصبح يشفق عليها العدو قبل الصليح .. هذا هو الحال لبلد تتنازعها اهواء المحيط الاقليمي كل يستميل احد قادة التيه إليه لتطبيق اجندته مقابل الوعد بتدعيم كرسي الذل والهوان والعمالة .. وغابت كل ملامح العزة والسيادة لابسط مراسم البرتوكول الدبلوماسي فلم بتفقوا حتى على ابسط قواعد الفهم المُعتاد في تقديم العزاء لدولة في فقد رئيسها وكانت الوفود المتعددة والمخجلة تنبئ وتحدث عن مستوى التوهان والتشظي حيث ان هذا موضوع يتم بإسم السيادة الوطنية لوفد رسمي يمثل ذلك وليس لأفراد .. كل ذلك يحدث في ظل غياب مشروع وطني ومازالت الغافلة تسير بغير هُدى وبغير دليل في صحراء التيه وقادتها في حيرة من أمرهم بعد أن ضلوا الطريق ومن غير رجعة ….
شئ من حتى
رغم كل هذا الألم والجراح للوطن المكلوم لكن لو نظرنا الى نصف الكوب الممتلئ سيكون لنا فسحة من الأمل حيث ان قوى الشر كلها الآن اجتمعت في صعيد واحد وتمايزت الصفوف وأصبحت قوى الثورة الحية في الجانب الآخر بقيادة لجان المقاومة