X

أحمد يوسف التاي .. يكتب .. ” نبض للوطن ” .. العائدون مع الظلام (1)

لستُ مندهشا لطول اللسان الذي ظهر به أنصار وكوادر وقيادات النظام المندحر، الذين عادوا عبر بوابات ونوافذ إنقلاب 25 اكتوبر وهم يسبون ثورة ديسمبر العظيمة ويسلقونها بألسنة حجاد أشحة على الخير، ويسيئون للثوار بأقزع الألفاظ، التي نضحت بها أوعيتهم ،ولم استغرب لقوة العين التي بدت على هؤلاء المتسللين للتو من أرض التيه إلى مفاصل الدولة بعد أن خرجوا منها كما يخرح (السوس) من الثقوب التي يُحدثها بالأعواد الصلبة بعد ان ينخرها ويحيلها إلى خراب ودقيق تذروه الرياح..
(2)
لم أندهش لغضبتهم المضرية على ثورة الشعب السوداني لأن الثورة قطعت الحبل السري الذي كان يغذي (الكروش) بالسحت والمال الحرام ، ولأن فجر الثورة أضاء القناديل في كل مواضع العتمة التي يتزاحم فيها خفافيش الظلام، فانكشف ماكان خافياً ، لذلك كان طبيعياً أن يستعدوا الثورة والثوار ويسعون بتشويه سمعة المناضلين الأحرار الذين رفضوا الظلم والاستبداد والفساد والنفاق والتدليس وقدموا أرواحهم رخيصة من أجل الإنعتاق …
(3)
الحقيقة التي لاجدال ولا مراء فيها أن الشعب السوداني كله رأيناه يخرج ضد حكم (الكيزان) بكل فئاته العمرية وبكل طوائفه الفكرية والمذهبية ، وبكل أحزابه السياسية ومنظمات مجتمعه المدني، والطرق الصوفية والادارات الاهلية ، حتى أبناء الكيزان فقد كان كل هؤلاء في ميدان الاعتصام الذي كان مثل سوق عكاظ يجمع كل الاضداد والسحنات والقبائل والشعراء والتجار ..فهل كان كل المعتصمين حول القيادة العامة شيوعيون وبعثيون ومؤتمر سوداني، إذن فليهنأ هؤلاء بحكم السودان طالما أنهم بهذه الكثرة والجماهيرية..
(4}
في رأيي أن أي إساءة للثورة والثوار هو إساءة للشعب السوداني صاحب الثورة الشرعي ، ولن يضير ثورته إذا اختطفها لصوص الثورات يوما، كما لن يضيرها إذا سرقها الانتهازيون لأجل حماية مصالحهم وعروشهم وانفسهم من غضبة الشعب الغضوب ،فإنها عائدة كالبركان كما كانت لحظة الانفجار…
(5)
تمر علينا اليوم ذكرى فض الاعتصام ، والمجزرة البشعة التي لم يشهد السودان مثلها ، وشباب السودان وكل الاحرار ستظل قناعاتهم الراسخة أن جذوة الثورة لن تنطفيء أبدا مهما هبت عليها العواصف والرياح العاتية، ولن ينكسر الثوار مهما ضيقوا عليهم الخناق ومهما قتلوا واعتقلوا ونكلوا، وأن النصر لأصحاب الحق والقضية ولو بعد حين..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.