X

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. فزع الحروف .. أوقفوا نزيف الدم من ” افواه القونات ” !

ما نخرج من مأساة وإلا دخلنا في ” كومة ” مأساة أخرى في هذا البلد المغضوب عليه كأنه يكافأنا بحبنا إليه وتجردنا من أجل رفعته ، وما تغنينا بأرض المليون ميل إلا وأنقسم الى دولتين وما تباهينا بسماحة اهله وتعايشه السلمي إلا وأستعرت الحروب وسالت الدماء ، وما تفاخرنا بخيراته وثرواته إلا وعم الفقر والمسغبة سواده الأعظم .. في حلوقنا قصة من ما جرى في النيل الازرق وكسلا ، من دماء بريئة قتلت دون وازع او اخلاق وفي الذاكرة صور ضحايا كرينك وعموم دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وبورتسودان والنيل الابيض ومأساة الخرطوم التي تخيروا من بين اهلها الشباب آخرهم الشاب ” غيمة ” الذي لا يحمل سوى ابتسامته التي تبقت منه لتقلق مضاجع القتلة ودعاة الفتنة .. كل هذه الصور المأساوية نعيشها مشاهد حية نحملها وكأننا نحمل اثقال من الحديد تئن به دواخلنا ونحن نمشي بين الناس ندعي التماسك ونتجلد بالصبر ونبحث عن لحظة فرح ولو زائف كالذي يحمل إكليل من الورود ليضعه على قبر عزيز لديه .. والذي يعمق هذا الحزن الدفين من يقتلنا هم نخبنا وقادتنا بمؤمراتهم الدنيئة ودسائسهم المخزية .. يئسنا منهم وما زال املنا في شعبنا الخلاق ليخرج من اصلابه من يزلزل هذه البؤر الفاسدة من الحكام ويعيد الامور لنصابها ..
بالامس قادتني الاقدار لحضور مناسبة اجتماعية وجدت المكان معد تعطر سماءه فنانة ” قونة ” فقلت وجدتها .. لا بأس من ” لحظة تنسي الوقار وتشفي القلب المعذب ” لعلنا نستمع للبلابل ” عشة صغيرة نفرشها ليك بحرير إيدينا ” او زينب الحويرص ” قول الحقيقة كلمني مالك بالهجري معذبني ” او حتى سميرة دنيا التي تتغنى للفنان الرقيق عثمان حسين ” ربيع الدنيا ” او إن شاء الله مقلدة للفنانة عائشة الفلاتية التي عندما تغنت للحرب تمنت لهم العودة سالمين ” يجوا عائدين الطلبة الحربيين ” لأنه ببساطة الفن دعوة للحب والخير والجمال والسلام وليس دعوة للحرب والاقتتال .. بالأمس عندما صعدت ” القونة ” المسرح وتم تقديمها بالمطربة منال البدري وللحقيقة لم اسمعها ولم اشاهدها ولا في اليوتيوب من قبل لان اصلا اصوات القونات وانا داخل المنزل تصم الاذان في مناسبات الحي وهن يرسخن للقبلية والعنصرية تحت بند ” افتح ملف ” والمقصود به عندما تاتي الفنانة او القونة لبيت المناسبة يكتب لها اسم قبيلة العريس وقبيلة العروس ويمكن قبائل اصدقاء العريس اما الآخرين من الضيوف يفتحون الملفات بجيبوهم ب”النقطة ” وتأتي مهمة القونة في اثناء ترديد الاغاني الحماسية تردد الفنانة اسماء القبائل اهل المناسبة ثم الذين يفتحون ملفات بجيوبهم وبالطبع كلما ذكر اسم قبيلة يزداد ” الرفسي ” وسط مجموعة من الحضور بالتاكيد يتبعون للقبيلة التي ذكرت على ملأ أما الذين يضعون ” النقطة الشكر عند الفنانة بحجم النقطة ” ربطة ” فئات كبيرة ولا فكة بل هنالك نقطة اصبحت بمستويات عالية اي ب ” الدولار ” وبالتالي هنا في مثل هذه المناسبات تتحدد مستوى العلاقات اي لا مكان لذوي العلم ولو كنت عالم ذرة بالتأكيد لا وجود لموظف او صحفي وغيره .. بالامس وانا في تلك المناسبة منزوي في ركن قصي عندما اطلت الفنانة منال البدري تذكرت رائعة الهرم الفني وردي ” وخطاك يا مولاتي والهدب المكحل وفتنة التوب الانيق ” بالطبع منال البدري فنانة لديها حضور مميز وتعرف كيف تؤدي المسرح حقه إبتداءا من الطلة على الجمهور وخاصة انها لا تخلو من لمسات جمالية وكذلك لديها صوت قوي كما بدأ لي في الاغنية الاولى لم احفظ منها شئ وكنت متأكد إذا تغنت باي من النمازج التي ذكرتها لاجادت لكنها للاسف بددت كل الصورة الزاهية التي رسمتها في خيالي عندما بدات مندفعة وكانها فارس مقنع وهي تردد ” بنحر نحر ما بهاب الدم ” وهي متلبسة دور الذي يمارس النحر تماما بلغة الجسد والصوت وهي فنانة حركية وتشير لمكان النحر وعندما تنظر للجمهور تتطائر عيونها شرر ويكاد المكياج يتغيير للون الدم وتفاعل معها كل الحضور وتكاد تكون المناسبة تحولت لساحة حرب وخاصة الرجال الذين انهالوا عليها ب”الربط ” وحالة الهياج و” الرفسي ” يكاد بعضهم يلامس السماء وهو يردد أسمه وسط هذه الدماء المتخيلة وبالتاكيد لسان حاله يقول انا الذي لا يهاب الدم .. ولكن انا غلبني اكذب لانني حقيقة اهاب واكره إراقة الدماء ولا ارى إراقة الدماء رجالة ولا قوة ولا شهامة .. لكنني اتفاعل مع اغاني مثل ” رباي اليتامى والبكرم الضيفان “
و”فقدك يا حمد ابدا علي ما هين كفك باهلو زي سحب السما المتحين “
اعتقد جازما إذا اردنا ان نوقف شلالات الدماء وخطاب الكراهية علينا ان نوقف شلالات الدماء من افواه الفنانات والقونات ونحارب متاجرتهن بالحماس الزائف .. ونغني مع حنان النيل ومنى مجدي شفاها الله ..
” انا السودان جمال إشراق وعيدية انا السودان بضي شمسو النهارية “..