X

حيدر الفكي .. يكتب .. ” حتى الآن ” .. إعادة تدوير الفاقد السياسي عبر مبادرة الجد !

تم تسليط الضوء في الأيام الماضية على مبادرة الطيب الجد (نداء اهل السودان) ومازال تلميع هذه المبادرة مستمراََ من قبل الآلة الإعلامية لحكومة الإنقلاب إذا أنها نافذة أمل متوهم من قبل الإنقلابيين والمؤتمر الوطني كي يعيدوا ممارسة الفعل السياسي من جديد وفي ثوب باهت وبعنوان له بريق وصدى داخل نفس كل سوداني وهو (نداء اهل السودان) إذ انه لا أحد يرفض صوت النداء والإجتماع على كلمة سواء تسمو فيها الغيرية و تُنبذ فيها الأنا وتعلو فيها الوطنية ولكن هذه كلمة حق أريد بها باطل حيث انها مبادرة ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب .. وإذا طاف بذهنك سؤال عبر الخاطر لماذا هى كلمة حق أريد بها باطل ؟ الجواب لثلاثة أسباب رئيسية السبب الأول أنها تعتبر بها كثيرا من التدليس والخداع لأنها مبادرة بالوكالة والفاعلين الحقيقيين والشركاء أصحاب المصلحة هم الفاقد السياسي (الإنقلابيين والمؤتمر الوطني والمنتفعين من بقايا الإنقاذ اصحاب الفردوس المفقود) وقدموها عبر كيان آخر ليبلبسوها ثوب الحياد في محاولة يائسة لإحداث إختراق بعد أن تأكدوا تماما انهم منبوذين من الشارع وليس لهم أمل في العودة ولذلك كانوا هم من وراء ستار يمارسون لعبة الإستخفاف بعقول الشعب وهذا هو ديدنهم القديم الجديد .. السبب الثاني هو أن صاحب المبادرة الشكلي هو تيار المتصوفة والإدارات الأهلية وهم تيار ليس لهم علاقة بالفعل السياسي على الأرض في ظل الحراك الثوري والمتغيرات المجتمعية التي تجاوزتهم منذ امد بعيد اضف الى ذلك انهم كانوا هم التيار الأقرب لإستقطاب الإنقلابيين الواضح وضوح الشمس في كبد السماء وبالتالي ينظر إليهم الشارع بعين الريبة والتوجس .. والسبب الثالث والأهم هو انهم لم يخاطبوا جذور الازمة السودانية التاريخية والآنية الحالية في ظل الخلل الفني والموضوعي الواضح في شكل العلاقة بين المؤسسات التي يرتكز عليها البناء الحقيقي للدولة المدينة الحديثة ..
هذه المبادرة تدعمها القوى السياسية المحسوبة على المكوِّن العسكري وهى الحاضنة السياسية الجديدة القديمة في ثوبها المهترئ حيث أُعِدت بشكل واضح لتكون مخرجاََ لأزمة الإنقلابيين من المأزق المحكم الذي وقعوا فيه وبعد سقوطهم المُدوِّي وفشلهم الذريع والذي تحدث عنه الرجل الثاني في هذا النظام الإنقلابي (حميدتي) وبكل وضوح وهذا يعني أن لحظة إعلان هذا الفشل اصبح في حكم المؤكد الموت السريري للإنقلابيين حيث حاول صاحبهم ان يقفز من السفينة التي شارفت على الغرق وبدأ يهيئ ويعد نفسه لمرحلة سياسية أخرى وإن كنت اظن انه لا يستطيع فعل ذلك في ظل المتغيرات المتوقعة للمرحلة القادمة مع ملاحظة ان إستجابة حميدتي لهذه المبادرة فاتر ويظهر ذلك جلياََ في تصريحه عبر احدى القنوات الفضائية على ضرورة الإجماع على هذه المبادرة من كل الوان الطيف السياسي وغيرها وهذا معلوم بالضرورة إستحالة تحقيقه ..
المؤتمر الوطني لم يتعلم من تجاربه المتراكمة في الحقل السياسي كيفية استقراء نبض الشارع ولم ينظر الى عنقه الأعوج على الدوام كى يحاول إقامته ولو الى حين حتى يرى بوضوح ولذلك لم يستفيد من تجربة ثلاثة عقود اتيحت له وسنحت له الفرصة فيها كي يبني فكراََ سياسياََ وتنظيمياََ متماسكاََ لكي يتعامل مع كل المراحل ويفهم قياس نبض الشارع مابين الرفض والقبول .. وكل هم هذا الحزب هو كيف يحكم وعبر أي وسيلة وبأي طريقة ولكن لم يفهموا ان الزمن والمرحلة  تجاوزتهم وفاتهم القطار ولذلك من الملاحظ انه حتى خطابهم التكتيكي للشارع ضعيف جداََ وأدواتهم أضعف حتى لا تحتاج إلى حصيف وهم كحالة النعامة رأسها مدفون في الرمال وجسمها في الهواء الطلق .. وعليه ليس من المستغرب ان يؤسس لمثل هذه المبادرة والتي ولدت ميتة ليس لها صراخ ولا حراك وهى فاقدة للسند الشعبي والجماهيري .. الشعب ضحى بالغالي والنفيس من أجل دولة المستقبل دولة المؤسسات دولة القانون والديمقراطية والمواطنة والحرية والعدالة والسلام وهذا هو السقف الذي لايقبل المساومة وعليه لايمكن ان يقبل بمبادرة تعيد تدوير حزب المؤتمر الوطني والمنتفعين من اجنحة الاحزاب المتشظية من قبيل المتردية والنطيحة حيث هم أبعد ما يكونوا عن الهم الوطني .. ولك ان تنظر حتى على مستوى الاشخاص هم نفس الوجوه الكالحة والتي اذاقت هذا الشعب الملكوم الويلات إبان عهد الفساد والنظام البائد وعهد الإنقلابيين الآني الأكثر فساداََ وبقيادة حزب المؤتمر الوطني المحظور ..
هذه المبادرة ستلحق بقطار فشل المبادرات السابقة المصنوعة والمصممة لأغراض إعادة تدوير الفاقد السياسي وإن اختلفت الأقنعة يظل وجه القُبح واحد وهو القاسم المشترك بينها ويظل أيضا برنامجمهم هو إعادة إنتاج مزيداََ من الأزمات ومحاولة وأد الثورة والتيار الثوري العريض وهى محاولة أقل ما توصف به أنها بائسة ويائسة وقد اغفلت مدى مستوى الوعي الذي تتمتع به قوى الثورة الحية بقطاعتها المختلفة والتي يجمعها صوت العقل الجمعي والهم الوطني المتقدم
ومضة:
هى روح متعبة بفوضى الجسد منهكة بفكر العقل ووعي السؤال …