X

الجميل الفاضل .. يكتب .. ” ثم لا ” .. صناعة “الفقاقيع” !

من أكبر الأوهام التي توارثها الساسة في هذه البلاد، كابرا عن كابر، وهم ان القانون الجيد، يمكن ان يصنع واقعا جيد.
لذا تجدهم يتبارون هنا وهناك، كل يسابق الآخر، في ابتدار التشريعات، والاتفاقات، والمواثيق، بمظنة ان ازمة السودان المتطاولة، ما هي في الأصل الا أزمة قانون، ودستور، وان حلها ما تأخر كل هذا الوقت سوي لفشل النخب السياسية، في بلوغ الإنجاز الذهبي، الذي يعرف بالمؤتمر الدستوري.
ولعل آخر مظاهر الهوس باصدار ما يسمي بالإعلانات السياسية، والدستورية، قد جاء امس بتوقيع تحالف
قِوى الحُرية والتّغيير “التوافق الوطني” على نسخة إعلان سياسي للحكم المدني، تصور التحالف من خلاله، ان اعادة احياء “الوثيقة الدستورية” المقبورة، التي تجاوزتها الاحداث بالفعل، من شأنه ان يكون حلا، حيث نص الإعلان على أن تكون:
المرجعية الدستورية للفترة الانتقالية ذات “الوثيقة الدستورية” التي شاركوا آنفا في ذبحها، بعد تعديلها وفق ما يقتضي راهن التطور الآن.
ثم ان تكون مدة الفترة الانتقالية (30) شهراً تبدأ من تاريخ التوقيع على هذا الإعلان الفقير.
علي ان يتم تشكيل مجلس للوزراء من “26” وزيراً بالإضافة إلى “6” وزراء دولة.
هكذا وبكل بساطة، اختزل هذا التحالف شبه العسكري، الذي كان له القدح المعلي في انقلاب البرهان، الحل في هذه الكلمات المختصرة القليلة، التي لم يأت فيها بجديد، بل ربما بقديم مدار يعاد.
فقد عُرف البعض هنا، بقدرة مذهلة علي إنتاج مثل هذه “الفقاقيع”، فقاقيع من اي نوع، تصور للناس في صورة، حل سحري ناجع.
فالقانون في السودان، – مطلق قانون – لا يُحظي بذات الدرجة من التوقير والقداسة، التي تحظي بها في الغالب، تصرفات الأجهزة والقوات المناط بها انفاذ ذلك القانون، حتي وإن جاءت تصرفاتها في النهاية مخالفة للقانون نفسه، الذي بموجبه نشأت، ومن اجل انفاذه والالتزام به تأسست.
ولعلة تتصل بتقديس زائف للأدوار التي ظلت تطلع بها مثل هذه الأجهزة والمؤسسات، وعلي رأسها الجيش، فقد لجأ بعض قادة الأحزاب في منعطفات من التاريخ للجيش، كادأة استعان بها هذا البعض لغير اغراضها او قل لعكسها، وكان بالطبع أول من استن سنة الاستعانة بالجيش، “الاميرلاي” المتقاعد، عبدالله خليل بك، سكرتير عام حزب الامة، في العام (١٩٥٧) للحيلولة فقط دون اطاحته من رئاسة الحكومة عبر البرلمان.
كما ان طائفة متحالفة اخري، ضمت رموزا من اليسار الشيوعي، ومن القوميين العرب، كانت قد استخدمت ذات الجيش في العام (١٩٦٩) كاداة للاستيلاء علي السلطة.
غير ان عبقرية الدكتور حسن الترابي، كانت قد تفتقت عن وحي غير مسبوق، زين له الاستيلاء علي الجيش نفسه، “الدجاجة التي تبيض كراسي سلطة”، عوضا عن الاكتفاء بالاستيلاء علي السلطة فحسب، في العام (١٩٨٩) علي قرار ما فعل سواه من قبل.
المهم فإن اي وثيقة دستورية تصدر اليوم، لا بد ان تكون هي في افضل حالاتها، صورة تعبر بدقة عن تطلعات واحلام القوي الثورية الحية، التي اضحت رقما صعبا في معادلات الواقع، لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال.
إذ انها تمثل في الحقيقة القوة المقاومة الوحيدة علي مستوي المنطقة، التي أجبرت انقلابا مكتمل الأركان والعناصر، تقف وراءه خمس جيوش، أجبرت هذه القوة الشابة رغم سلمية نضالها هذا الانقلاب الدموي، علي ان يقف عاجزا، مكتوف الأيدي، رغم ما مارسه من بطش وعنف راح ضحيته المئات.. يقف هكذا جامدا كتمثال عقيم لا يحرك ساكنا في الدولة، لما يقارب العام.
تحاصره لجان المقاومة، بأعتي متاريسها علي الإطلاق، “لاءاتها الصارمة الثلاث”.. لا تفاوض، لا شراكة، ولا شرعية، قبل ان يكمل الشارع السياج بلا اضافية، لا”مساومة”، سدا لذرائع وثغرات، ربما استشعر مخاطرها تاليا.
ذلك فضلا عن تعليمات اخري، أتصور انها واجبة النفاذ، تم تسجيلها بدفتر احوال الثورة تقول:
“الثورة ثورة شعب، والسلطة سلطة شعب، العسكر للثكنات، والجنجويد ينحل”، هكذا أجمل “الشارع”، سيد الموقف، شروطه، ووضع الميزان.

لام.. ألف
“أنا أؤمن إيمانا راسخا بالسيطرة المدنية على الجيش كمبدأ أساسي لهذه الجمهورية وأنا ملتزم بضمان بقاء الجيش بعيدًا عن السياسة الداخلية.
هذه البلاد لا تريد أن ترى جنرالات يختارون أي أوامر يريدون طاعتها”.
الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة أركان الجيش الامريكي المشتركة امام الكونغرس.

حالتي
أشهد الا انتماء الآن
إلا أنني في الآن لا