X

حيدر الفكي .. يكتب ..” حتى الآن ” .. لو سألوكم ؟!

     إن أكثر ما يدعو الى الإندهاش والإستغراب حد الذهول هو النفسية المعقدة للتيار الإسلامي وقادته حيث اصبحت حالة مرضية متلازمة مع عشق السلطة والمال لدرجة أن تصبح هى الغاية وعبر أي وسيلة متجاوزة كل الثوابت وتنسحب معها كل القيم الى ذيل قائمة الإهتمام وتتحول الى جند هامشي تماماََ .. ويتضح بما لا يدعو مجالا للشك أن برنامجهم ومشروعهم الإسلامي هو الوسيلة المفترى عليها لتحقيق غايتهم وهو المعبر للوصول .. ربما انخدع قطاع عريض من الناس من باب العاطفة الدينية ونزوعهم نحو الفضيلة وتأثروا بالخطاب الموجه من قبل قادة التيار الإسلامي .. ولكن بالمقابل إستدرك هذا القطاع العريض وبنسبة غالبة حقيقة ونوايا وأهداف هذا التيار النفعي والإنتهازي وإكتشفوا أنهم كان مغرراََ بهم وكانوا يحرثون في الهواء ليحصدوا ثمار العدم وربما جاء هذا الوعي متأخرا بعض الشئ ولكن بيقين لا يساوره الشك .. ومما زاد وضع التيار الإسلامي تعقيدا على تعقيده هو الإنقسام الداوي الذي حدث داخله والمفاصلة التي حدثت بقيادة الأب الروحي لهم حسن الترابي حيث أزاح ما تبقى من ستار واهي يواري عورة أفعالهم الإنتهازية والوصولية والتي ليس لها علاقة بالدين او مصلحة المجتمع من قريب أو بعيد وسقطت ورقة التوت واصبحوا في الهواء الطلق وقد كان هذا الإنقسام بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير .. وقد لعب حسن الترابي دوراََ مهما في كشف خبايا حرب دارفور كما صرح أيضاً بتفاصيل الفساد المهول داخل هذا التنظيم الإنتهازي (المؤتمر الوطني) وقد كان توصيفه دقيقا لمستوى الفساد وقد حصره في جملته الشهيرة (لقد أكلوا المال العام أكلاََ عجيباََ)
وكل هذا لن يعفي حسن الترابي من المسؤولية التاريخية والأخلاقية لأنه هو القائد لهذا التيار وهو عرابهم وإنما خلافهم حول مراكز القوة والقيادة ولم يكن الدين والوطن والمواطن لهم علاقة بهذا الصراع داخل أسرة التيار الإسلامي فهم شركاء في كل ما حل بالوطن من كوارث ودمار وخراب ولا استثني فيهم أحدا ..
كل ذلك والتيار الإسلامي يستميت من أجل العودة للسلطة والفردوس المفقود ولو على انقاض خراب الوطن ودمار المواطن وهنا يتضح بجلاء مستوى الحالة المتأخرة من المرض النفسي الذي أصاب قادته واصبح ليس لهم مشروع غير الحكم والسلطة والتسلط والإستبداد والعبث بمقدرات الشعب وما تبقى من ملامح الوطن الجريح والمكلوم بفعل سوآتهم التي لا تحصى ولا تعد .. وهنا تبرز أسئلة ملحة ومعها كل علامات التعجب ؟؟!!
لو سألوكم :
*الم تكونوا انتم من حكمتم هذا البلد ثلاثين سنة كأطول فترة حكم في تاريخ السودان وكانت كافية لأن تجعل هذا البلد جنة الله في الأرض فحولتوها الى جحيم لا يطاق فسبقت نية السوء خطاب التجمُّل وضاع الوطن في صحراء تيه خطئتكم ثلاث عقود من الزمان ومازال في التيه لا يعرف دليلاََ ولا أثر
*الم تكونوا أنتم من جعل لعذاب البشر وأصحاب الرأي الآخر بيوتاََ (بيوت الأشباح) وفعلتم الأفاعيل حيث لم يفعلها قبلكم أكثر المتسلطين والمستبدين على مستوى المنطقة والإقليم ولن يفعلها بعدكم أحد ولا جماعة مهما كان مستوى البطش فإن أعمالكم التي يندى لها الجبين وتقشعر منها الأبدان صارت نسخة حصرية عليكم .. واصبحت متلازمة التخوين وعدم الوطنية لكل من يخالفكم الرأي مع إن العكس هو الصحيح
*الم تكونوا انتم من ضاع في عهدهم نصف الوطن وفقدنا جزءاََ عزيزا وغالياََ (جنوبنا الحبيب) بعد أن إرتوت أرض الجنوب بدماء خيرة الشباب قهراََ عبر معسكراتكم القسرية وطوعاََ عبر خطابات التغرير من خلال مؤسساتكم الإعلامية البائسة الزائفة والمضللة وتآكلت أطراف السودان في الشمال والشرق (حلايب .. شلاتين .. الفشقة) وفقدنا أراضي عزيزة وأصبحت تركة ثقيلة ومعضلة حقيقية وهى الغام ومعارك مؤجلة لتثقلوا بها كاهل الأجيال القادمة
*الم تكونوا انتم من دمر إقتصاد هذا البلد دماراََ ممنهجا لم يحدث في تاريخ السودان وتم تقسيم ثرواته ومقدراته بين جيوبكم التي لا تعرف حد الكفاية وبين تنظيمكم الذي يعمل ليل نهار لتغويض المؤسسية وتمكينكم في كل القطاعات وتمكنتم من ناصية البلاد والعباد وتعاملتم مع الشعب بفوقية وكأنهم غرباء في بلادهم
*الم يكن في عهدكم استشرى الفساد وزكم الأنوف  وعم القرى والحضر وتم تأسيس فقه التحلل لغسل درنكم الذي تستحيل معه الإزالة !!! وللحقيقة فقد كان فقه التحلل هو فساد آخر في ثوب جديد
*الم يكن في عهدكم تمت أكبر إبادة جماعية للبشرية وسالت دماء الأبريا على أرض دارفور والتي وصفها المخلوع البشير بأنها لا تستاهل سفك دم شاه وقال نحن سفكنا دماء اهل دارفور لأتفه الأسباب وهذا لم يكن نزاهة وصحوة ضمير لأنه ولد بضمير ميت لايعرف الإنسانية ولكنه كان يوجه خطابه لغريمه داخل التظيم على طريقة إياك أعني فأسمعي يا جارة
*الم تكونوا انتم وبفعل سياستكم الرعناء من تسبب في حصار الوطن وتم عزل السودان سنين عديدة وأزمنة مديدة دفع فاتورتها المكلفة الشعب حيث مس الحصار كل تفاصيل حياتنا
الم تكونوا انتم من ….
الم تكونوا انتم من ….
الم تكونوا انتم من ….
سلسلة من الأسئلة لا تنتهي ويصعب حصرها
وكلها تعبِّر عن مستنقع السوء الآسن الذي عاشته البلاد في عهدكم المغضوب عليه من قبل الشعب ومن قبل الإنسانية جمعاء
ثم بعد كل هذا وبهذه الخلفية الكالحة السواد وبهذه السيرة الذاتية المنفِّرة والقاتمة والتي تعتبر كأسوا ما يكون من تاريخ حكم الشعوب بهذه الطريقة المدمرة إقتصاديا وإجتماعيا وأخلاقيا تطمعون في العودة إلى غيكم القديم لحكم هذا الشعب الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل إقتلاعكم ؟؟؟!!! تطمعون بالعودة عبر الحروب ولو كان الطريق للحكم مرصوف بالدماء ومعبٌَد بأشلاء الأبرياء ؟؟؟!!!
لن تحكموا هذه البلاد مهمًا فعلتم ومهما مكرتم ومهما تجبرتم فإن هذا الشعب حدد موقفه تجاهكم بشكل قاطع لايقبل المساومة ولا الجدل فأنتم اصبحتم ذكرى اليمة سيرويها جيل بعد جيل بأنه في عهد من العهود مر على هذه البلاد شرزمة من المغول أذاقوها الويلات والعذاب والخراب
ومضة:
هى روح مُتعبة بفوضى الجسد مُنهكة بفكر العقل ووعي السؤال