X

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. ” فزع الحروف ” .. الصحفيون في المواجهة وحرب السودان بلا ذاكرة !

 

 

 

  لا شك بأن الحرب الطاحنة في السودان والتي اندلعت بين الجنرالين البرهان وحميدتي منذ ١٥ ابريل الماضي وما زالت رحاها تدور ، خلفت آثارا كارثية على كل فئات المجتمع السوداني بل لم ينجو منها ذوي الحالات الخاصة وطالت حتى الحيوان والنبات ، وانتهكت فيها كل الحرمات . وتجاوزت كل الشرائع الدينية والاعراف البشرية وهدمت فيها مساجد وبيع وصلوات واصبح الانسان فيها مجرد وقود لاشتداد اوراها ، وكلمتي “ديمقراطية وكرامة” المستخدمتين من طرفي الحرب كرافعتان للحرب ومزيدا من التحشيد مجرد شعارات مستهلكة بغرض الإلهاء .. لكن ما يهمنا هنا شريحة مهمة جدا هي شريحة الصحفيين والاعلاميين وتنبع اهميتهم ليس كبشر مثلهم مثل سائر السودانيين الذين جميعهم تعرض للانتهاكات الجسيمة قتلا وسحلا أو أسرا او اعتقالا او نزوحا ولجوءا وتشريدا وحتى الذين يعتبرون في مناطق آمنة داخل السودان يعانون الخوف والفزع من حالة الارهاب والترغب والمصير المجهول ، اذن لم ينج احد . والحقيقة الثابتة بأن قادة الحرب وداعميهم استخدموا سياسة ” علي وعلى اعدائي ” والارض المحروق بإمتياز .. لكن قصدنا تحديدا الشريحة الاكثر استهدافا من الطرفين وتنبع اهمية هذه الشريحة من كونها تمثل ذاكرة الأمة وهم الصحفيين ، ومن أغرب الحالات هذه الشريحة مستهدفة من طرفي الحرب الجيش والدعم السريع وخاصة الصحفيين والاعلاميين المستقلين أو الرافضين للحرب والداعون لوقفها، هذه الشريحة تفتقد للحماية من الدرجة الاولى ومنهم من تعرض للقتل والتعذيب والإخفاء القسري والتهديد أو الإرغام والترهيب والترغيب لدعم طرف محدد دون الآخر وتلفيق التهم الجزاف مثل العمالة والخيانة وعدم الوطنية وهي ماركة جاهزة ” قميص عامر ” تتلبسك مجرد ما ألتزمت جانب المهنية وسميت الأشياء باسماءها ، وفي ذات الوقت تجد كل الكيانات التي تمثل الصحفيين عاجزة تماما عن فعل شئ حيال منسوبيها سواء نقابة أو اتحاد أو جمعيات وخلافه إلا من بيانات خجولة تدين وتشجب من حين لآخر ، لم تستطع حتى عكس حجم الكارثة الحقيقي .. هذا الواقع جعل هذا السودان المترامي الاطراف وشعبه الذي يتجاوز تعداده اربعين مليون نسمة بلا ذاكرة فجميع الصحفيين بين نازح ومتشرد أو فاقد لأدوات العمل الصحفي أو الحماية التي تمكنه من اداء رسالته ولذلك هذه الحرب رغم كثافة ما يرشح عن فظائعها في اجهزة الاعلام تفتقد تماما للاعلام المحايد والمهني وكل الاخبار عن المعارك والمذابح وتدمير المنشئات وسقوط المدن أو تحريرها وأي مسميات اخرى ، كل ذلك لا يرشح الا من طرفي الصراع بأجهزة الموبايل الحديثة من افراد في مواقع الاحداث بمستوى اقل من “صحافة المواطن ” فالاعلامي المحترف في غيات تام حتى أجهزة الاعلام الرسمية غائبة تماما بما فيهم الناطقين الرسميين باسم هذه القوات المتحاربة يصدرون بياناتهم من مخابئهم ولذلك تأتي متأخرة ومضطربة فكثيرا ما يتم تعديلها أو سحبها من المواقع الالكترونية .. أما الوضع الانساني للصحفيين السودانيين حدث ولا حرج حتى الصحفيين الداعميين لكيانات حزبية تعتبر واجهات مدنية تلتزم السلمية فرت بلجدها وتركت منسوبيها ليواجهوا مصيرهم وبالتأكيد لا اتحاد دولى أو اقليمي أو أي جهة تتبنى الحريات الاعلامية وحماية الاعلاميين تفقدت احوال الصحافة والصحفيين في السودان .. بالتأكيد هنالك شريحة تدخل في دائرة ” ابواق الحرب ” رتبت اوضاعها قبل واثناء الحرب لتتبنى آراء طرفي الحرب وتدعمها وتروج لها وتدافع عن المواقف ولو بعيدا عن القناعات الشخصية ولا عزاء للمهنية أو قدسية المهنة فقط اكتفوا ب ” اموال الدماء ” التي استقطعت لهم من اموال لشراء الاسلحة والذخائر .. أعلاه جزء من الصورة القاتمة لواقع الاعلام والاعلاميين في بلادي .. ” وانا الصحفي لا اخجل ” !!!