X

” قندهار اسوان ” لمحة سودانية في شمال الوادي

 

 

اسوان : ترياق نيوز

 

 

    من المعلوم بأن الوجود السوداني في جمهورية مصر العربية منذ قديم الزمان وتعتبر الجالية السودانية في مصر هي الاكبر على الاطلاق مقارنة بوجود السودانيين في جميع دول العالم وذلك ليس للقرب الجغرافي فقط بل لمشتركات كثيرة تجمع بين السودانيين والمصريين ، حتى العنصر البشري في شمال السودان وجنوب مصر لا تمييز بينه الا باللهجة المصرية أو اللهجة السودانية ٠٠
لكن حرب ١٥ ابريل التي اندلعت في السودان خلفت واقعا مختلفا ، غير الهجرة الجماعية للاسرة والاعداد الكبيرة من الفارين من الحرب فتحت مصر ابوابها لهم ، فدخلت معهم حتى الملامح السودانية في الحياة اليومية فإذا كانت الحرب دمرت الاسواق والمساكن فحملت افئدة السودانين عناوين ومضامين المحال التجارية ومحال المطاعم والمقاهي ومحاولة تجسيدها في جغرافية استقبلت الوافدين الجدد بتفاصيلهم ، فتجد ” مقهى اولاد ام بدة وملحمة اولاد ام درمان وملبوسات اولاد شندي وتوابل الكردفاني وغير ذلك لكن ما لفت نظرنا حقا هو نقل سوق كامل معنى ومضمون الى مصر ممثل في مطعم ” قندهار اسوان ” لصاحبه الشاب الطموح عبدالله عبدالهادي .. وحتى نضعكم في الصورة لا بد من خلفية عن سوق قندهار ..

عقب سني الجفاف والتصحر في السودان منتصف ثمانينات القرن الماضي استقر بأهل كردفان ومواطني غرب السودان عموما المقام في غرب ام درمان المناطق حول سوق ليبيا وسوق الشيخ ابوزيد واتوا كنازحين في بلدهم ولكنهم ايضا نقلوا معهم تفاصيلهم وبما أن اهل كردفان عموما اهل ثروة حيوانية اشتهروا بكثرة اكل اللحوم ويصنعوها بطقوس سودانية معلومة فبدأ بسوق ابوزيد ما يسمى ب ” سوق الناقة ” انثى الابل حيث توجد ملحمة تنحر فيها الابل فبدأت امرأة واحدة تدعى ” ام رشيرش ” جوار جزار يدعى ابوالعلا فيأتي الزبون ويشترى اللحمة من الجزار وتقوم هذه المرأة بطهيه على الجمر ” فحم ” ولديها شوايات في ما يسمى ” صاج الشية وتحضير السلطة الخضراء والبصل الابيض والشطة الخضراء وحينها كان كيلو اللحمة بجنيه سوادني واحد وهذه الخدمات تقدمها المرأة مقابل ” طرادة ” ربع جنيه سوداني وبالطبع مكان الجلسات ” راكوبة ” شكل صالة مشيدة بالمواد المحلية قنا حصير جوالات الخيش مع وجود العناقريب ” سراير ” وبنابر وكلها من المواد المحلية مع فرش الارض بالرمال ورشها بالماء لتلطيف الجو واطلاق البخور وبعض المعطرات السودانية الخالصة وتكون الاجواء لطيفة للغاية ، رويدا رويدا تمدد هذا السوق وتقريبا بعد منتصف التسعينات قررت السلطات السودانية نقل هذا السوق الذي تمدد لمكان آخر فتم نقله غرب سوق ليبيا وشرق احياء دارالسلام غربي ام درمان واستمر هذا الاسم ” سوق الناقة ” حتى العام ٢٠٠١م وحينما اندلعت الحرب الامريكية على افغانستان عقب احداث برجي التجارة الشهيرة ومن خلال وسائل الاعلام اشتهرت المدن الافغانية وكعادة السودانيين يستغلون الاحداث الكبيرة ويطلقون اسماءها الشهيرة على محلاتهم أو اسواقهم فتحول سوق الناقة الى سوق قندهار وتطور حتى اصبح مزار للسياحة الشعبية وتخصصه الرئيسي اللحوم السودانية بطريقته المعلومة الا ان الاداوات فيه تطورت سواء كان الادوات المستخدمة أو العاملين فيه مثل الفتيات والصبية الذين يقومون بالخدمات بصورة راقية أو النساء كبيرات السن ذوات الخبرات الكبيرة في شواء اللحوم وبالطبع فيه اشهى اللحوم على الاطلاق بانواعها المختلفة اللحم الضاني ، الابل وكبدة الابل والعتان ” صغير الماعز ” التي يفضلها الخليجين وحتى رواد هذا السوق تغيروا فاصبح هذا السوق يرتاده كبار رجال الاعمال ورجال السلك الدبلوماسي وضيوف البلاد من الاجانب بل بعض الاحيان البعثات الزائرة لا بد من زيارة سوق قندهار وتناول اللحوم السودانية الطازة وتناول المشروبات ايضا ذات الماركة السودانية الخالصة التبلدي ، الكركدي والعرديب لكن دائما عقب اكل اللحوم يفضل احد المشروبين خلط الزبادي بالمشروب الغازي ” سفن اب ” ” الغباشة ” أو الشربوت وهو عصير البلح المخمر دون ان يصل مرحلة المشروب المسكر ..

“قندهار اسوان “

مطعم قندهار اسوان الذي يقع شرق محطة القطر وسط مدينة اسوان المصرية لصاحبه الشاب عبدالله عبدالهادي الذي سعى لنقل هذه التفاصيل لهذا المطعم مع مواكبة التطور والتقدم في هذه المدينة المصرية مع الالتزام بالاشتراطات الصحية التي تقرها السلطات المصرية هذا المطعم ” قندهار اسوان ” منذ افتتاحه الذي لم يمض عليه شهر لكنه اصبح قبلة لكل السودانيين الذين خبروا طريقه وحتما قريبا سيجذب كل الجنسيات فهو اضافة حقيقية .. قد تكون زيارة واحدة له لا تكفي …