X

نهى السالم.. تكتب.. ” عيون لاجئة ” .. (( رصاصة القهر في ليلة حالكة )) !

الخطوة الأولى
الثانية
الثالثة
الرا………..!!
مهلاً.. إنها الليلة العاشرة في الحرب بعد العيد الذي وزعت فيه حلوى الرصاص وكعك الموت..
إلى أين تأخذنا هذه الطريق الحالكة و الليل مجهول الهوية مكسور البوصلة حتى النجوم التي نستدل بها أفلَت ففلت رسن الإتجاهات منا .. سكون خانق لاصوت فيه سوى صوت الذئاب والكلاب والبنادق، والأقدام مثقلة بالتعب وهموم على الكتفين تجثو كالجبال تزيد الثقل كيلاً، والعقل مابين خوف وذهول.. معقول ولامعقول
.. جلسنا على الأرض خوفاً وإرهاقاً وحيرة.. قارورة ماء واحدة لانملك غيرها سوى الصبر..الشتاء أنقذنا من الموت عطشاً ليراقبنا ونحن نصارع الموت برداً في العراء، كسر السكون بكاء طفل خديج سارعت أمه بإرضاعه خشية أن يجلب صوته الهوام أو الأعداء و قطاع الطرق… رفعنا أكفنا بالدعاء والإبتهال..تيممنا وصلينا مافاتنا من فروض رغم الخوف القاتل وحمدنا الله أننا خرجنا سالمين إلا من شظايا وجع أصابت روحنا فصار العقل يعمل بحفنة وعي .. إنتصف الليل ونحن في منتصف القهر بعد أن إنقصم الظهر و خسرنا كل مانملك وخرجنا بأيدٍ فارغة تماماً لكن النفوس مليئة بالحزن والألم والرعب والعيون تفيض دمعاً بعد أن إمتلأت بصور الدمار والحرائق والدم وجثث في الشوارع كنا نقفز فوقها بأقدام مرتجفة وغصة ووجع وحذر لايوصف ، والمسامع مليئة بأصوات الطيران والقصف والصراخ والعويل والركض ..
“الحرب لعنة و كسر للنفوس بذل لايجبره أي شيء وسيظل يؤلمنا مدى الحياة كلما لمسته الذكريات “
وبعد مسافات طويلة جداً قطعناها بين هرولةٍ وسير جلسنا في العراء صامتين لاندري أين نحن والسواد يحيطنا لانملك مانقول فمازلنا قيد الصدمة الأولى نتساءل سراً لماذا وكيف .. كل السيناريوهات التي حدثت والتي ستحدث غير متوقعة.. الأفكار تتداخل وتتلوى وتتهرب كلما يقضمها التوهان حينما ترسم لنا صوراً مرعبة نخافها.. نفترش الأرض ونلتحف البرد والتشرد ، ننتظر الصباح بفارغ الصبر حتى نستوضح معالم المكان وتخبرنا الشمس عن الاتجاه لكنما الليل يتمطى كأنه أفعى سامة ويتمدد كأنه ألف ساعة وساعة، وبين كل لحظة وأخرى نسمع تنهيدات هنا أو بكاء مكتوم هناك، ونسمع ابتهالات بأصوات خفيضة مختنقة ومهزوزة.
مرت أمامي صور كل الحروب البشعة القديمة والحديثة وإنضمامنا لركبها بنجاح…
صور أشقائنا في البوسنة والهرسك والشيشان و فلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا وكل بلاد نالت نصيبها من القهر والمرار منذ بدء التاريخ… كيف لهذا الإنسان الذي لم يُخلق إلا للعبادة أن يستحل قتل أخيه الإنسان؟
كيف استطاع استعذاب مذاق الدم؟
كيف يستهويه شيطان السلطة والجشع على حساب الأبرياء ؟
كيف لايفكر بعقلانية ويعمل على نشر السلام والخير؟
كيف يمتلئ بكل هذا الشر وهو يدرك تماماً حقيقة الفناء واستحالة الخلود للنفس البشرية ؟؟
هانحن نضيق ونخاف ونرتجف رعباً من هذا الليل شديد السواد فكيف نحتمل أن يكون بداخلنا مثله ؟
مازال سرمدياً حالكاً هالكاً وفتّاك الثواني…أستلقي على حجر تحت رأسي أحاول أن أهدأ وأستوعب و أرقب النجوم علها تعود وتدلني .
ليتني أنام وأصحو وأكتشف أنني مازلت في بيتي آمنة وبألف خير وماهذا سوى حلم كريه لايطاق ……. ليتني أنام .