X
    Categories: مقال

همام عبدالكريم درويش .. يكتب .. الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وازدواجية المعايير !

مساء يوم السابع عشر من اكتوبر كان العالم على موعد مع عمل ارهابي يتخطى القانون الدولي والاعراف الانسانية وذلك بعد قيام الكيان الاسرائيلي باستهداف مشفى الاهلي العربي وسط غزة بصاروخ احالها دمارا مع من كان فيها من مرضى واطقم طبية و غيرهم من المدنيين في مذبحة اسرائيلية ليست الاولى ولن تكون الاخيرة اسفرت عن ارتقاء ما لا يقل عن 500شهيد و عدد كبير من الجرحى كلهم من المدنيين وصفها احد الاطباء الذين كانوا متواجدين بانها مذبحة وحشية دمرت المشفى بالكامل على اثر صراع لم ولن يتوقف  اشتدت وتيرته منذ العام 2007 حيث استقرت فيه حركة حماس بقطاع غزة  .
هذا الصراع الذي يعتبر امتدادا للصراع العربي الاسرائيلي بجذوره التي تعود لعام النكبة في عام 1948 وما زالت جمرته متقدة  مرورا بحرب الايام الستة عام 1967 حيث
احتلت إسرائيل بقية دولة  فلسطين التاريخية، بما في ذلك قطاع غزة، الضفة الغربية، القدس الشرقية، مرتفعات الجولان السورية، جزيرة سيناء المصرية لتنشأ اسرائيل كيانا عنصريا طبقيا يتمتع فيه اليهود الذين جلبوا من اصقاع الدنيا بالامتيازات والثروات التي سلبت من اصحاب الارض الذين تعين عليهم العيش تحت نيران الاحتلال المدعوم غربيا مسلوبي الحقوق و تحت كل اشكال الحظر والحرمان من الحقوق المدنية والانسانية ،الامر الذى كان الفتيل الذي اشعل الانتفاضة الفلسطينية الاولى عام 1987،التي كلفت المقاومين الفلسطينيين بحسب منظمة حقوق الانسان ما يقارب 1070 شهيدا  بينهم 237 طفلا ووصل عدد المعتقلين الى 175 الف معتقل  لتتجدد الانتفاضة بثانية عام 2000  والتي كلفت الفلسطينيين 5 شهداء  و 200 جريح في اول يومين فقط ناهيك عن التدمير الممنهج للبنى التحتة والاقتصاد الفلسطيني لتعود اسرائيل وتحتل الاراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية و التوسع في بناء المستوطنات والجدار العنصري العازل ليكون مكبلا لحياة الفلسطينيين و عائقا امام توفير سبل الحياة التي بدأت تخنق على يد التعنت الاسرائيلي ضد اصحاب الارض بدعم غير مسبوق من المجتمع الدولي الذي خرجت منه اصوات انتقدت هذه الممارسات ووقفت الى جانب المستضعفين وظهر هذا التيار في الصراع الحالي كمدافع عن الحرية و الحقوق التي كفلها القانون الدولي تجلى في عدد من التصريحات المؤيدة لحقوق الشعوب في نضالها ضد الاستعمار فظهرت عدة اصوات من مسؤولين و رؤساء منظمات دولية و حقوقية حملت فيه المجتمع الدولي مسؤولية الاحداث التي تشهدها الاراضي الفلسطينية من خلال الصمت عن ممارسات الاحتلال الاسرائيلي الذي شجعه على المضي قدما في سياساته الهمجية ضد الشعب الفلسطيني كما جاء في بيان لوزارة الخارجية الماليزية وعلى لسان وزير خارجيتها انور ابراهيم وتاكيد وقوفه الى جانب يثبت حقوق الشعب الفلسطيني والتي وافق فيها تصريحات زعيم حزب العمال الاسترالي انتوني نورمان البانيز الذي انتقد ازدواجية المعايير التي يتبناها المجتمع الدولي حول الصراع الاسرائيلي الفلسطيني
و تصريح مدير السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي جاء عقب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اكد فيه أن حصار إسرائيل لقطاع غزة “ينتهك القانون الدولي”اضافة لما جاء على لسان رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير ليين.في 16 أكتوبر أن الاتحاد الأوروبي سوف يزيد من حجم المساعدات الانسانية للفلسطينيين الى ثلاثة أضعاف ليصل الى .75 مليون يورو (حوالي 79 مليون دولار). .،………….
وفي المقابل نرى جليا ازدواجية المعايير من خلال تعامل و تصريحات قادة الدول التي تطلق على نفسها العالم المتحضر وعلى لسان كبار مسؤوليها حيث تجاهلت اسباب الاوضاع التي ادت الى اندلاع هذه الازمة و نسمع تصريحات بايدن والتي اكدت بان امريكا تقف الى جانب اسرائيل مسخرة كل قدرات الولايات المتحدة لخدمة هذا الكيان دون اي ذكر لمعاناة الشعب الفلسطيني و ابدى تعاطفه التام مع الضحايا الاسرائيليين ووصفه حماس بالحركة الارهابية متجاهلا تماما ممارسات اسرائيل الوحشية و دماء الفلسطينيين المدنيين الذي فاق عددهم ما تكبدته اسرائيل و متجاهلا الاضرار الجسيمة التي لحقت بالبنى التحتية والاقتصاد الفلسطيني و نرى موقفه غير بعيد عن القيود التي فرضتها بعض الدول الغربية على المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني التي وصلت الى حد سحب الجنسية و الترحيل والسجن و السماح للمظاهرات المؤيدة للكيان الغاصب وحمايتها من قبل رجال الامن ووصف النضال الفلسطيني ضد الاحتلال بالاعمال الارهابية و تجاهل الارهاب الحقيقي التي تقوم فيه آلة الحرب الاسرائيلية ضد المدنيين العزل في قطاع غزة و تؤكد في الوقت ذاته عن املها في تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة و كانها مصابة بانفصام سياسي و ذر الرماد في العيون ،السلام في رأيها للشعب الاسرائيلي وليس للشعب الفلسطيني  متجاهلا كمية التعليقات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي و تويتر التي فضحت ممارسات المجتمع الدولي و زيف ادعاءاته لتحصد هذه المنشورات و التغريدات مشاهدات واسعة و تعليقات منددة بسياسيات المجتمع الدولي والكيل بمكيالين والصمت عن جرائم الكيان الاسرائيلي والدعم غير المحدود لسياساته المجرمة ،،ومن جانب اخر نرى منظمات غربية تتدعي بانها منظمات حقوقية انسانية تغيب عن المشهد وتظهر فقط عندما يتعلق الامر بما يسمى استغلال الاوضاع القائمة لما يخدم السياسة فقط فمثلا تاسيس مؤتمر الويغور العالمي في ميونخ بالمانيا  والتي تصف نفسها كحركة غير عنيفة وسلمية تعارض ما تراه “احتلال” الصين ل”التركستان الشرقية و تحارب الشمولية والتعصب الديني والإرهاب ، و تؤكد على حق الشعوب في النضال من اجل التحرر و تحظى بكامل الدعم الدولي ولها الحق في تزييف الحقائق و نشرها و عرض اضطهاد الصين المزعوم للمسلمين الويغور ، و نرى ايضا موقف المجتمع الدولي في الصراع الروسي الاوكراني و تاييدها لحق اوكرانيا في الدفاع عن نفسها على حد تعبيرها فلماذا لا تحظى المنظمات والحركات الفلسطينية بمثل هذا الدعم في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، لماذا هرعت الى ادانة واستنكار ما يتعرض له الايغور و الاوكرانيين والاسرائليين على حد زعمها
و تغاضت عن الاف الارواح البريئة التي سالت في المذبحة الدموية للمدنيين الأبرياء من قبل القوات الإسرائيلية في غزة.خلال الاسابيع الماضية ولم نسمع ادانة واحدة منهم لقصف المشفى ..هذا كله يكشف بان المنظمات الدولية و المؤسسات المرتبطة بها ما هية الا اداة يستعملها المجتمع الدولي لتحقيق مصالح سياسية، فهل لو كانت علاقات الصين وروسيا مع الولايات المتحدة والدول الغربية جيدة هل كانت هذه المنظمات التي تدعم الويغور او اوكرانيا موجودة ،او هل سمح لها اصلا ان تحظى بالتغطية الاعلامية ولماذا لم يتعامل المجتمع الدولى مع المدنيين في غزة بنفس المستوى من الانسانية التي يتعامل فيها مع المدنيين في اوكرانيا و الصين ، ولماذا يدعم المجتمع الدولي حركات التحرر هنا و يحاريها هناك ، لنعرف بان هذه المنظمات ليست الا ادوات سياسية بايد المجتمع الدولي والمتحكمين فيه ،متناسين سنة الله في الارض وبان الحق دائما سوف ينتصر ولو بعد حين .